مكناس: مدينة في حاجة إلى مالها العام لتنفيذ الأولويات… ويكفيها من دعم مهرجانات النشاط

محسن الأكرمين.

لم تَبِتْ الثقافة بمدينة مكناس تُوَلدُ الوعي وشقاوة التغيير، لم تعد ثقافة مكناس تصنع الحدث النظيف بالتفرد، لم تَعُدِ الثقافة تَنْشطُ في الفضاءات الشعبية لأجل خلق الوعي، بل باتت الثقافة تُوازي تنظيم الأنشطة السمجة، وبهرجة (الشخدة). من ثقافة التنشيط بمكناس محاولات إنشاء مهرجان كي يمثل( رئة التنمية وأوكسجين تنفسها !!)، مهرجان لتحقيق (الذات وإبراز المواهب، وتفريغ الاحتقان، وتوجيه الطاقات، ولقاء الخبرات والجماهير…)، هي المؤشرات الكمية (المحمودة)، وقد يكون في المهرجان مآرب أخرى (نوعية) !!
بَطْنُ الثقافة في مكناس بات رخوا، والقوم في تفاهة (التلفة) صانعون، وسبل العيش مع الداعمين (السياسيين) الأحلاف تصنع مهرجان من فراغ، وتصادق وتدعم خروج المال العام (الحلال). قد نعلنها علنا، ثقافة مكناس باتت في أيدي النخبة المخملية والأعيان، ثقافة نُزعت عنوة من الأيدي الجذرية (جيل الحرية)، ومن فكر العقول المقاومة للتفاهة. ثقافة باتت تُعادلُ تأسيس مهرجان (النشاط)، وقد ينال الدعم السخي. فمن العدل أن نطلق حكم قيمة معياري ( فثقافة المهرجانات بمكناس لا تصنع المواطنة، بل الوصولية والانتهازية. لا تصنع تحديث الذهنيات وتهذيب السلوك، بل تساهم في تثبيت التفاهة والإلهاء). ثقافة ترجع بالخلف، والاختفاء وراء (مُوضَةُ) حماية التراث اللامادي والمادي، ولم تقدر لزاما مواكبة مشروع المجتمع الحديث (حلم المستقبل).
للثقافة بمكناس مندوبية تسكن القبة الخضراء، تنجز التدبير الإداري اليومي الورقي، وتَغيب عنها شمس رؤية الدولة في أن تكون تلك المندوبية (موجودة في قلب الاستراتيجيات التنموية، من منطلق كون الثقافة والفن دينامية تحديث وتنمية في الإنسان والحضارة…). لم تقدر المندوبية إصدار رأيها عن حول نقاش دائري ( مهرجان عيساوة وموسيقى العالم) الذي يدعم من المال العام !! والتزمت الصمت المطبق (بِينَاتْكُمْ أَوْلاَدْ المَدِينَةِ) !! لم يقدر المسؤول الأول إبداء الرأي فيه بالإيجاب أو الملاحظة (اللامادية). فأين هي إستراتيجية تشخيص الفعل الثقافي والتنشيط بمكناس؟ حقيقة لا مناص من ذكرها، مندوبية الثقافة لم تقدر على ابتكار مناظرة مفتوحة، تناقش الفعل الثقافي بالمدينة بلا (عكار فاسي) جهوي، وبلا مشاورات صورية. مندوبية لم تستطع نقل الثقافة والتنشيط من القبة الخضراء نحو متسع الحقل الثقافي الاجتماعي الدافئ، والاحتفاء بصورة ثقافة مكناس الجمالية والوعي المدني.
اليوم مكناس تفتقد آليات تنشيط الثقافة الشعبية بسبب سياسة تذوق (بَسْطِيلَة) المال العام. من منعرجات المدينة الغائرة أنها تتجه نحو ثقافة علية القوم والميسورين (أخوية المال). اليوم باتت ثقافة التنشيط بمكناس (ترفا وتسلية وتزيجية للزمن السياسي والاجتماعي)، حتى وإن أجمع رأي المدينة بالقول (لا) لمهرجانات تستهلك المال العام ولا تنتج النوعية وأثر الإضافات، فإن السياسي يقول (نعم) ويفحمك (بلا…بلا…بلا…) ويدعم حتى (التفاهة) بعينها، وإلهاء الرقابة عن معرفة كيف تُسيرُ قنوات الريع (حلال)؟ اليوم الثقافة بالمدينة بإمكانها أن تنتج مهرجانا للموتى والمقابر وللتراث اللامادي (الذي له رب يحميه) !! لكن حفلاتها (المحمية بالدعوات) تقام في أرقى القاعات والحضور الأنيق، ثم تسوق الصور من الأثر البصري ضمن يوميات ثقافة تنشيط من (عتبات في الجماليات البصرية)!! نعم، ثقافة جديدة ودخيلة بمكناس تسوق الرخاوة، وتركب على موجات الدعم من المال العام (بلا رقيب من دركي الحكامة)، في حين الأولويات وواقع المدينة يحتاج بالسبق إلى تفعيل (الدولة الاجتماعية)، وتجهيزات استعجالية تهم الأحياء الناقصة التجهيز(الهشاشة والتنشيط !!).
من الصعب الحديث عن وزن الثقافة بمكناس، والدولة تصرف عليها ميزانية بلا تحصيل أثر التفرد. من المؤكد الحديث عند التحول السلبي نحو تجنيد الجمعيات الكبيرة (النخب المحمية) لتلتهم تلك الجمعيات الصغيرة التي تفزع الحيتان الكبار. من الصعب إصلاح الشأن الثقافي بالمدينة في ظل طفرة الوصولية والنفعية، وفي استمرار الخلافات(الفردية والمؤسسية والجماعية) داخل بركة صانعي القرار. من الصعب أن تبقى الثقافة بالمدينة تُماثلُ صناعة مهرجان الأموات والشخدة !! والثقافة الحية تعيش أزمة التردي، في ظل غياب رؤية قيم التنشيط وترسيخ آليات الحوار بدل كثلة من (سياسي) العتبة الانتخابية، يقررون في شأن المدينة بالتضاد والمصالح، ورفع أيدي التصويت بالموافقة !!
قد تكون المكاتب المرتبة بمندوبية الثقافة لا تفكر في العمل الاستراتيجي لإحياء الفعل الثقافي المندمج بالمدينة. قد تكون تلك المكاتب تخلق نسيج المحاباة وبناء ضمائر الرفع البارزة بالسكونية، وتمضية الزمن الثقافي في أنشطة لا تفارق وحدة قياس الجدران (مركز المنوني). فغياب فعل الثقافة البديلة بالمدينة بات يصنع لدينا أحلافا من قبائل (أوس) الثقافة الرخوة، ومنشقين من معارضة (الخزرج) السياسيين والنخبويين، ولكن حق القول: (لِي بَاغِي ثَقَافة النُخبة، يَصرفْ من جِيبُو، ويَخَلِي المَالْ العَامْ فِي التِيقَارْ)، ولي باغي الثقافة المواطنة (يَخْدَم ْمعَ أَوْلادْ الشعب).

عن موقع: فاس نيوز ميديا