انتقادات واسعة تلاحق الرئيس إيمانويل ماكرون وسط تراجع الحريات العامة في فرنسا

في ظل ممارسة الرئيس إيمانويل ماكرون لسلطته بما يشبه “الجوبيترية”، يتعرض لانتقادات واسعة من قبل جزء كبير من الطبقة السياسية ووسائل الإعلام والمجتمع في فرنسا. يثير قلق هؤلاء الانتقادات “الانزلاق الاستبدادي” الذي يظهر بشكل واضح في تقلص الحريات العامة والصراعات السياسية التي تهدد المواطنين والاقتصاد وصورة البلاد.

تشتد هذه الانتقادات وراء عناد الرئيس ماكرون في تمرير إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل دون إجراء حوار حقيقي مع الشركاء الاجتماعيين أو داخل البرلمان، وتجاهل مطالب النقابات والنواب، وتجاهل غضب الشارع. يرون المراقبون في ماكرون رئيسًا يسعى إلى “فرض قراراته بالقوة بدلاً من المشاركة في الحوار”، وذلك “بأي ثمن”، كما يعبر في خطاباته خلال جائحة “كوفيد-19”.

هذا التوجه القوي يثير قلقًا حيث يتم تجاهل مطالب وآراء العديد من الفئات والشركاء الاجتماعيين، مما يعرض الديمقراطية والحوار إلى الخطر. تتسبب تلك السياسات في تقويض الثقة وزيادة التوترات في المجتمع الفرنسي، مع تأثير سلبي على الحريات العامة واستقرار الاقتصاد وصورة فرنسا على الصعيدين الوطني والدولي.

في محاولته لفرض إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل، يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون انتقادات واسعة ومظاهرات تندد بسياساته. يتم تجاهل مطالب النقابات والمعارضة، ويظهر تجاهل الرئيس للمطالب والانتقادات من الفرنسيين وغضبهم. هذا النهج القوي وغياب الحوار يثيران القلق ويعززان الانتقادات المتزايدة لماكرون، حيث يراه البعض كديكتاتور بارد وغير قابل للسيطرة.

استطلاع للرأي أجري في أبريل الماضي أظهر أن 61 في المائة من الفرنسيين يرون ماكرون أكثر استبدادًا في فترة ولايته الثانية، بينما يعتبر 53 في المائة أسلوبه في ممارسة السلطة منفردًا. يعتقد 69 في المائة أنه لا يحترم المعارضة السياسية، ويشير 55 في المائة إلى تراجع الحريات منذ توليه الرئاسة.

تتميز الولاية الثانية لماكرون بالفوضى والانجراف الاستبدادي والقمعي للسلطة، ويعتبر ذلك تراجعًا عن القيم الديمقراطية والاجتماعية للجمهورية الخامسة، وفقًا للمراقبين.

تتزايد المخاوف والانتقادات بشأن انزلاق البلاد نحو الاستبداد وتراجع الحريات العامة تحت حكم ماكرون. هذا يشكل تحديًا كبيرًا للاستقرار والوحدة الاجتماعية في فرنسا، ويؤثر سلبًا على صورة البلاد والثقة في السلطة الحاكمة.

في فترة ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون الثانية، يتصاعد القلق بشأن تجاوز صلاحيات المؤسسات وتضييق الحريات العامة في فرنسا. استخدام المادة الدستورية 49.3 بشكل متكرر لتمرير القوانين الحاسمة، بما في ذلك إصلاح التقاعد المثير للجدل، دون التصويت عليها من قبل ممثلي الشعب، أثار انتقادات واسعة.

السياسيون والمثقفون والمدافعون عن الحقوق والحريات ووسائل الإعلام في فرنسا وخارجها لاحظوا هذا الوضع. انتقدت رابطة حقوق الإنسان بشدة “التوجه القمعي” وازدراء الديمقراطية البرلمانية والاجتماعية في فرنسا.

في مقال مشترك نشرته صحيفة “لوموند”، أعرب رئيس رابطة حقوق الإنسان ورؤساء الرابطة الشرفيين عن قلقهم، مشيرين إلى أن الدفاع عن الحريات أصبح “الموضوع الأكثر حدة في الفترة الحالية” في فرنسا. تتعرض حرية التظاهر للمساءلة بسبب تشديد التوجيهات لقوات الشرطة والدرك، ويتعرض المتظاهرون السلميون للعنف والإصابات الخطيرة.

قد حث مجلس حقوق الإنسان فرنسا على الامتثال لمعايير حقوق الإنسان، مشيرًا بوجه التحديد إلى هجمات على المهاجرين وتمييزهم على أساس العرق، واستخدام القوة المفرطة من قبل السلطات أثناء التظاهرات.

ينتقد الموقعون على المقال أيضًا استخدام القوة من قبل السلطة رغم عدم امتلاكها الأغلبية البرلمانية ورفض الغالبية الكبيرة من المواطنين والمنظمات النقابية لهذا التصرف. يرون أن هذا يكشف عن عجز سياسي غير مسبوق للرئيس وأزمة ديمقراطية عميقة في فرنسا، تؤثر في مؤسسات الجمهورية والحوار الاجتماعي وثقة المواطنين في ممثليهم.

ويعتبر الأنثروبولوجي والمؤرخ الفرنسي إيمانويل تود أن رئاسة إيمانويل ماكرون مرتبطة دائمًا بالفوضى، ويرى أحيانًا أن ماكرون يستفيق عن طريق إثارة الفوضى فقط.

هذه الانتقادات تسلط الضوء على القضايا المثارة حول الصلاحيات المفرطة وانتقاص الحريات العامة في فرنسا تحت حكم إيمانويل ماكرون.

عن موقع: فاس نيوز ميديا