أحلامي:
أنا بحق، وبكامل قدراتي العقلية، أبيع أحلامي بمغرب ما بعد (56). أبيع أحلامي ليس بالثمن البخس، ولا بسوق (الدلالة) المتواجد بسوق جوطية باب الجديد مكناس، ولكن أبيعها بالمزاد العلني الفكري. فمن يحفل منكم بشراء أحلامي؟ لن أبيعكم بيع السَّلَم، ولكن أحلامي تزن الجبال رزانة، وتخالها الجن إذا ما أفرجت عنها طليقة من قمقم مصباح علي بابا السحري. أحلامي بسيطة من أحلام الشعب، وليست مُشَكَّلة من خطوط الفن التجريدي. أحلامي آتية من فكر ابن الفلاح وابن الشعب، ومن ذاكرة أوسط جوهرة عقد عدد إخوة يوسف (عليه السلام).
أحلامي الواهنة:
أبيع أحلامي، بالترتيب العمري والزمني والمكاني. أبيع أحلامي بمغرب المستقبليات وتحقيق الرفاه للجميع. أبيع أحلام الطاقات الشبابية الكبيسة، أبيع أحلام قتل الثقة في الإصلاح المستديم، والمراهنة على السلم الاجتماعي (التفاعلي). أبيع أحلام مدينة الأساطير والسلاطين والخرافة والأضرحة النائمة. أحلامي بسيطة يا سادة، لا توازي أفكار (غارسيا ماركيز) في جوهرة (بائعة الأحلام)، بل أحلامي هي من نسج الواقع المُرقع والمُرقط، ولا هي من خيال الكاتب الروائي الإبداعي.
أبيع أحلامي (بالجمل) والتفصيل، فمَّا على الدولة إلا أن تشتريها، وتُشفرها بالترميز والتنقيط ضمن السجل الاجتماعي (الجديد)، أو تُخزن معطياتها داخل محتويات ملف (سري جدا) !! سأبيع كل أحلام ستة عشرة (16) من الحقوق الذي نص عليه دستور2011. قد أبيعها شياعا وفي أغلى متاحف الدولة، وبالمزاد العلني الذي لا يحضره الانتهازيون و الوصوليون.
أحلام (باور بوينت Power point):
أبيع أحلامي، لمن يُقَدرها في النوعية التفردية، ولا يزنها عدا كميا. أبيع أحلامي، والتي هي ملكي حصري، ومن جيل أفكار (المحرر) و (أوطيم). أبيع أحلام جيل ما بعد الاستقلال ( من 56 ما شفنا والوا !!)، أبيع كل الأمل في الكرامة، والتغيير السلمي وذاك الرفاه للجميع بتوزيع الثروة !! أبيع كل أحلام الثقة في المستقبل مع تنامي الفوارق الاجتماعية، وأرباح التضخم.
أحلامي يا سادتي الكرام، بسيطة حد التهجئة للأطفال الصغار. بسيطة مثل مطالب ساكنة مدينة مكناس الطيبين الطيعين. أحلامي لم أعمل يوما على تصنيفها وترتيبها بالأولويات، بل تركتها مهملة، وهي تصنع الفوضى الخلاقة بالكتابة. أحلامي اليوم يا سادتي الكرام، تفوق حلم تنزيل النموذج التنموي. تفوق كل تلك المصطلحات الكبرى والتي لم أع يوما دلالتها الكمية ولا النوعية، غير أنهم يلتهون بعقولنا وبذكائنا الفطري الاجتماعي بالتشتيت مثل ما يفعل (باور بوينت Power point). أحلامي آتية من جيل (أحمد والعفريت) و(الرمح المسحور) و (الله يرانا) و (الغني والاسكافي). أحلامي من قصص الخرافة والأساطير و(لالة عيشة) التي سكنت المدينة بالإهمال و(التَّحَمْدِيشْ) و(لهبالْ).
أحلام العدل والإنصاف:
أبيع أحلامي، مرة واحدة ورزمة مكتملة. وهي تحمل بعضا من توابل (الكرامة / العدالة الاجتماعية/ العدل/ الإنصاف والمناصفة…) والكَلمَةُ للشعب. تحمل ما سد الخبر من البياضات والفراغات القانونية الموجودة في الدستور (في غياب النصوص المتممة). قد تقولون كل هذا وذاك هو من أحلامنا في مملكة الفوارق الاجتماعية، لكني أقول: أحلامي تحمل هندسة عجيبة من متتالية (ادفع) بالإصلاح والأمن السلمي الاجتماعي الوطني، وقد سبق لي أن قلت أنا ابن فلاح من أبناء الشعب و(المطرقة والمنزل)… أبيع اليوم أحلامي، وقد أقف غدا أمامكم مثل المصاب بمرض (الزهايمر) وبلا ذاكرة، لا أعرف موضع وطني في الخريطة العالمية، ولا مدينتي مكة وناس، ولا عترتي القوية، ولا عشيرتي القبلية الممتدة من الهوية المنفردة إلى الهوية المشتركة.
إعلان بيع أحلامي سيصلكم سادتي الكرام تباعا، لكن لن أبيع ذاكرتي ومُخزناتها العمرية الذاتية. لن أبيعكم ذكرياتي في الملهاة الكوميدية، ولا في المأساة التراجيدية، فأنا أعرض أحلامي المشتركة بيننا، وأتخلص منها طوعا في المزاد العلني وبحضور موثق (شهادة اللَّفيف). أبيعها طوعا بعقد الحبس للوطن ولكل الأجيال القادمة، ففي فركها وتفككيها نربح فرصا جديدة من مشاكل عالقة، ونتجنب تهديدات (منْ (56) ما شَفْنَا وَالُو…) .
عن موقع: فاس نيوز ميديا