الرمز ونهج سبيل الغموض والتعمية في الكتابة القصصية :
اللجوء إلى الرمز من أساسيات الإبداع، فالغموض أو التَّعْمية كما أوردتم يأتي أحيانا من عدم وضوح الرؤيا عند المبدع أساسا، لأن الغموض وعدم الوضوح يكون نتيجة لعدم تمثل ما يكتب حقيقة، أما تعمد الغموض كاستراتيجية كتابية قد تكون ظلالا يتقصدها الكاتب(ة) لغرض فني ما أو إحدى شطحات الكتابة.
ــ وصفة لكتابة القصة القصيرة :
ليست هناك وصفة لكتابة قصة قصيرة، فكل قصة قصيرة لها خصوصيتها وسياقاتها، لأن الفن القصصي عسير المأخذ، صعب الممارسة، ففي بضعة صفحات يمكن أن تنقل حالة أو مشهدا أو تجربة إنسانية مائزة بكل ثقلها وفرادتها، فليس هناك جاهزية في الفن، فكل منجز يتطلب كدا وكدحا ليقول نفسه والعالم المحيط به.
ــ الاقتصاد اللفظي في القصة القصيرة جدا :
بالتأكيد القصة القصيرة جدا تتساوق مع إيقاع العصر المعتمد على الوسائط الاجتماعية والثورة التكنولوجية الذكية، فالرقميات بشتى مظاهرها لغة العصر بامتياز، فالاختزال والاقتضاب يتماشى مع روح العصر ما دام التعبير الأدبي يتماشى مع الظروف المستجدة، فالميل إلى التعبير القصير ليس فقط مهارة حكي، وإنما التقنيات الحديثة من رسائل سريعة ونحوها، تكون مسعفة للقاص أن يقول البحر في نقطة ماء.
ــ المباشرة والإيحائية في الفن القصصي :
المباشرة والتقريرية عدوة للفن القصصي، ففي القصة قد تتداخل الوقائع كمواد خام، لكن المخيال يلبسها أثوابا واقعية تجعلها مغرية للقراءة والمتابعة، أما الرواية الواقعية المحضة، تظل تقريرية جافة قد تصلح كنشرة خبر يتداول في صحيفة وليس إلا.
فالقصة تخلق عالمها الداخلي بكل ما فيه من فنيات وجماليات تمتع وتذهب بالمتلقي لعوالم أخرى تجذبه إلى آفاق رحبة يحلو له السباحة فيها بخياله وتفكيره، لأن السرد في حد ذاته سفر في الدواخل قبل أن يكون في الأزمنة والأمكنة.
ــ رسالة القاص والروائي ووظيفة أدب القصة والرواية الحقيقية :
ليست هناك رسالة واحدة بل رسائل مفتوحة على أبعد مدى، فالقاص أو الروائي لا يؤدي مهمة محدودة في الزمان والمكان، وإنما يقوم بعمل حضاري يتجاوز جدار المكان والزمان، لأن الرهان على الكتابة يبقى مفتوحا على أكثر من واجهة، وكل متلقٍّ للعمل القصصي أو الروائي يستفيد منه حسب ذائقته وجهاز مفاهمه.
ــ رسائلي من خلال الكتابة :
الشواغل الفكرية والأدبية المتعددة، فالمقالة السيارة تلبي شاغلا عاما، والقصيدة قد يطرق وجودها في لحظة تفاعل وجداني أو نفسي نحو قضية تثير النفس وينزع لها الخاطر، أما القصة السردية فتأتي متجاورة مع سرود الحياة، فإنما القصة انعطافة أخرى لحياة نتخيلها ونصنعها عسى أن نرمم بؤس الواقع المهترئ.
ــ النص الذي لم أكتبه :
تسكنني نصوص كثيرة تبقى هاربة، ودوما أتلهف للوصول إليها، ما دامت ثاوية في الأغوار، وتستعصي على الكتابة لكي تخرج إلى عالم النور.
ــ كتاباتي بين سؤال الذات وسؤال الواقع :
أعتقد جازما بأن الكاتب يبحث عن قالب أدبي، أو صيغة تمكنه من التعبير عن شواغله، سواء كان هذا الوسيط شعرا، أم قصة، أو رواية، أو مسرحية، المهم عنده هو الوسيلة الفنية التي يعتمدها لكي يوصل عبرها هواجسه وشواغله، لأن القوالب الفنية تكون مجرد قنوات للتواصل، والتعبير عن هموم وأسئلة حارقة لا تبرد حمأتها إلا بالعبير عنها وسكبها بين سطور الكتابة وتداعياتها.
ــ كتاباتي بين الواقع والافتراضي :
لقد أضحى زمنئذ تداخل كبير بين الواقع والافتراض، الدلالات هنا ليست مطلقة، فالواقع الحرفي المعيش، له جغرافيته المكانية وسقفه الزمني، بيد أن الواقع الافتراضي يبقى مخاتلا، فهو منطلق من الواقع وفي نفس الوقت يبقى هلاميا لا وجود له إلا فيما يَصْبِغُ عليه الخيال من تصورات وتهيؤات، فهو لا وجود له إلا في المرتقب والمنتظر، والكتابة بطبيعتها تجنح إلى الخيال المطلق الدلالات، حيث تظل متنافذة في عبورها بين ما هو واقع وما هو مفترض.
.ــ علاقتي بالكتابة وهل أسير إليها أم تأتي إلي :
الكتابة في الحقيقة علاقة حبيب بمحبوبه، ولا ضير إن تقدم أحدها على الآخر، فعناق الكتابة والتماهي معها يعطي مع الممارسة معنى للوجود.
ــ الجوائز واللقاءات الثقافية والمنتديات :
الجوائز الأدبية تبقى محفزة وداعية إلى المنافسة والتفاعل رغم أنها لا تكون دوما منصفة، اللقاءات الثقافية والمنتديات فرصة سانحة للتفاعل مع ذوي الاختصاص والمشترك من الانشغالات، قد تثري المبدع بمزيد من التجارب والخبرات، وأراها جد نافعة ومجدية في حياة المبدع .
ــ علاقتي بمهنتي وكتاباتي :
حسب تجربتي المتواضعة والمديدة والطويلة أجد نفسي مبدعا داخل الفصل الدراسي كمدرس، بل أجد نفسي سمكة داخل لجج الماء، كذلك الشأن في ممارسة النشاط الصحافي الذي أعشقه وأمارسه بشغف وحب، أما الكتابة الأدبية المحضة فملاذي وجنينتي التي أستظل بظلالها الوارفة وأجد نفسي فيها وعبرها.
ــ العولمة والكتابة الإبداعية :
تحولات عميقة مست الواقع الثقافي، مما خلقته التقنيات المتطورة من علاقات وحدت العالم مظهريا برابط العولمة، أو بالأحرى الأمركة أي تبني أنموذجا يرتبط أصلا بما هو اقتصادي واستهلاكي، بل حتى الثقافة يتم تسليعها وترويجها من خلال مواصفات معينة تخدم مقاصد معينة، هذه التحولات الطارئة أحدثت تغييرا في مجال الكتابة ولا سيما ما أصبح يدعى بالكتابة الترابطية، التي تكون عبر الأنترنيت وغيرها من الوسائل، لكن الكتابة الحقة المبنية والناهضة على قناعات تبقى متجذرة وأصيلة تعبر على قناعات تبقى متجذرة وأصيلة تعبر بحق عن أصالتها ووجودها بكل قوة ومناعة.
ــ علاقة الإبداع بصفة عامة بالهوية :
تجليات الهوية تبرز من خلال عملية الكتابة، فهي تحصيل حاصل لا يمكن أن نتعمده، لأن الإنسان لا يمكن أن يغير فصيلة دمه، وجذور الهوية تسري مسرى الدم في العروق، ومسرى هواء الأرض التي ننتمي إليها جغرافيا ووجدانيا، أو حسب قناعاتنا الدينية أو الفكرية واختياراتنا في الحياة بشكل مطلق.
ــ علاقة الكتابة بالالتزام :
الالتزام بمعناه الحرص على مبادئ إيديولوجية سياسية أضحى التزاما متجاوزا، وإنما الالتزام الحقيقي هو تبني قضايا مصيرية تهم قضايا الإنسان من حيث سلامة بيئته، حيث يسعى لعيش سلامة الأرض، نقاءها ونظافتها يمس في الصميم صحة الإنسان وسلامته، كما أن الالتزام يهدف إلى مراعاة حقوق الإنسان الكونية في العيش بحرية وكرامة وتقدير ذات، إن هذه التحولات جعلت من الكتابة مثقلة بالتزامات أكثر إنسانية وفعالية من ذي قبل، انتقالا من الالتزامات الضيقة المرتبطة بمطالب قومية، بل المطالب الآن أمست إنسانية تهم الإنسان في كل مكان في هذه الأرض.
ــ النقد ومدى مواكبته للإبداعات الحديثة في مجال القصة القصيرة جدا والومضة والهايكو :
النقد يلعب دورا هاما جدا في تطوير الإبداعات الأدبية، فكلما كان النقد فعالا سواء نقدا انطباعيا أو صحافيا أو أكاديميا أو عاشقا، يؤدي إلى تثمين الإبداع وبلورة مساره، سواء أكان هذا النقد يعالج مضمار القصة جدا أو نص الومضة والهايكو، بشكل نسبي استفدت من كتابات نقدية قاربت تجربتي المتواضعة، النقد مرآة عـــاكـــســـة للتجربة الإبداعية ويظل ضروريا، وينبه إلى مواطن الخلل والعلل، ودور النقد هو تسليط مزيد من الأضواء على البقاع التي تحتاج إلى الضوء في العملية الإبداعية، فهي لا تكتمل إلا ببوصلة النقد البناء والهادف.
ــ ذِكْر الموت :
لا تخلو حياة الإنسان من مرارة صدمة وفاجعة مصيبة الموت، فهو قدر محتوم لا مفر منه، لكن حسب ملتي واعتقادي على المرء أن يعيش بفرح ويموت بفرح، لأن الإقبال على الحياة بمباهجها ومظاهر السعادة فيها لا يمكن أن يخفي بالمطلق أن لنا نهايات كما لنا بدايات، وبين هذا وذاك نعيش سفر الحياة.
ــ علاقة الكتابة الإبداعية بالذاتي والموضوعي :
ترتبط الكتابة بمكنون الذات وشواغلها والواقع الذي تعيش فيه ماضيا وحاضرا، بل إن المادة الأساسية التي يشتغل عليها الكاتب هي ذاته وانفعالاته اتجاه ما يعيشه ويحتك به في واقعه اليومي من قضايا متشابكة ومترابطة ونسيج علاقات متشابكة، تدخل فيها اللحظة التاريخية والسياقات الجغرافية والاقتصادية وتربة المجتمع الذي ينتمي إليه، فهو شاء أم أبى بوعي أو بلا وعي يعبر عما يشغل نفسه ويملأ فيض حسه وتطلعاته، فلا يمكن أن ينفك المبدع من ذاتيته أو نرجسيته، ويبقى ما هو موضوعي حقا -جد نسبي- في الكتابة الإبداعية، فهو يستقي المادة التي يشتغل عليها من صميم واقعه وثقافته وجهازه المفاهيمي، ومن خلال وجهة نظره المتعلقة بالكون ورؤيته للحياة.
ــ الحب :
أجمل ما في الوجود، حبذا لو أن عدوى الحب مست الإنسانية جمعاء، حتى يرين السلام والود والوئام، وتختفي نوازع الكراهية والخصام، وتضع الحروب أوزارها، وتسود في المعمورة أجواء المحبة والسلام.
ــ مكانة المرأة في إبداعاتي :
أمر بديهي أن تكون المرأة حاضرة في إبداعي، وحسب زعمي أن المبدع تطارده امرأتان، امرأة في الواقع وامرأة تسكن خياله، فتبرز هذه المرأة بصورة أو بأخرى في إبداعاته، فالمرأة تبقى دوما ملهمة ومحفزا ومصاحبة في عملية الكتابة وخارجها.
ــ لغة الضاد والعامية :
النصوص الإبداعية القوية تغذي اللغة العربية بأمصال التقوية الداعمة، فالإبداع بلغة الضاد على درجة كبيرة من الأهمية والفعالية، أما الدعوة إلى استعمال العامية دعوة باطلة، فليس أجمل ولا أروع من التعبير باللغة الفصحى بكل ما تحمل من جلال وجمال، فالدعوات الفرنكوفونية تحفز وتدعو إلى استخدام العامية وباقي الدَّوارج، لكن تسعى من خلال ذلك على بلبلة بل وعلى إزاحة اللغة العربية الجامعة لا المفتتة للوحدة العربية والإسلامية التي تتنفس لغة الضاد، وتجدها مفصحة عن هواجسها ولغة قلبها، فاستهداف اللغة العربية استهداف مبيت بأدوات إيديولوجية هدامة، ولكن اللغة العربية تبقى دوما وأبدا سدا منيعا في وجه كل من يتكالب عليها، ويسعى للحط من مكانتها الأدبية والعلمية والحضارية .
ــ ارتباط نصوصي الإبداعية بتجارب شعورية معينة :
بكل تأكيد أن النص يكون وليد دفق شعوري معين إثر إثارة معينة لقضية ما، أو شاغل يسكن العقل والقلب.
ــ التعليم واللغة العربية والإبداع :
يعرف واقع التعليم في المدرسة العربية خللا بنيويا، ويحتاج تدارك الأمر إلى تضافر جهود البحث العلمي المتخصص في الهندسات التربوية والتعليمية، لأنه لا يمكن إصلاح الوضع إلا برؤية / رؤيا شمولية، والنهوض باللغة العربية تدريسا يقتضي تطوير المناهج والطرق والبعد عن كل تلقينية وجاهزية في التعليم، وتكسير الأنماط التقليدية، والحث على المسارات الإبداعية في العملية التعليمية والتعلمية حتى تصبح المدارس مشاتل لزراعة العلم والمعرفة، بوسائل علمية وإبداعية حديثة لا الركون إلى المسكوكات والمجترات، فاللغة العربية طيّعة وحافلة بالمشتقات، ولها إمكانيات التبلور والتطور، ونصوص الإبداعية الوازنة قادرة على أن تطعّم نصوص اللغة العربية المدروسة بالمزيد من المعطيات التي في وسعها أن تخدم قضايا اللغة العربية، فالضعف الحق ليس في صميم اللغة وإنما في مستعملي هذه اللغة، بالإضافة إلى تعزيز مسار اللغة بالقرارات السياسية والإجرائية الفعالة حتى يمكن للغة العربية في مجالات التدريس أن تنتهج مسارات بديلة حتى تخرج من القوقعة التي تعيش فيها الآن.
ــ الوجه الآخر للمصطفى كليتي :
إنسان بسيط يحب الحياة والفنون الجميلة، يتعلق بالكتابة والمسرح والسينما والشعر وكل ما هو جميل، وكم يحلو له أن يتأمل الطبيعة، وأن يشرب كأس ماء ويتأمل صنيع الخالق الذي خلق من الماء كل شيء حي. والركون إلى صدر امرأة يناجيها وتناجيه.
ــ ما حققته :
لم أحقق في الحقيقة ما أصبو إليه، وكثيرا ما يخامرني شعور بأنني لم أقل كلمتي، ولم أبدأ بعد.
ــ هواياتي الأخرى :
التعليم مارسته كعمل وظيفي، وفي نفس الوقت كشغف وحب، وكذلك الصحافة الورقية التي ارتبطت بها ولا زلت، ولا أجد عنها بديلا، كما أنني شغوف جدا بالمسرح والسينما والتشكيل وشتى فنون التعبير.
ــ طموحاتي وآمالي :
أتوخى أن يسود السلام وتهدأ طاحونة الحرب في كل مكان، وأن نعتني بالطفولة المعذبة نتيجة حروب جائرة، والحد من هجرة اللاجئين الذين اكتووا بنار الحرب واللجوء إلى مخيمات يطردون منها من أرض لأرض ومن سماء إلى سماء، وطموحي الكبير أن يضاء وجه الطفولة الضائع والمشرد بابتسامة بحجم الكون، فلا مستقبل لمجتمع أطفاله معطوبون وغير أسوياء جسديا ونفسيا، فالعناية بالطفل ضمان لمستقبل الإنسانية الذي لا يسعد إلا بسعادة الأطفال في كل مكان