يشكل اليوم العالمي للتطوع، الذي يحتفل به العالم سنويا في الخامس من دجنبر، فرصة للوقوف على مدى ترسيخ ثقافة التطوع في مجتمعاتها، وجرد التطورات المهمة التي شهدها العمل التطوعي ومدى ملازمته للحياة اليومية للمواطنات والمواطنين بالقرى والمدن واحتكاكه بتجارب إنسانية واجتماعية، وذلك في اتجاه أن يصبح التطوع رافعة للتنمية وسبيلا أمثل لتقوية روح المسؤولية والمواطنة لدى فئات عريضة من الشباب والشابات، وقد اختارت الأمم المتحدة هذه السنة شعار ” قوة العمل الجماعي: إذا فعل الجميع ذلك ” وذلك اعترافا بقوة العمل الجماعي: إذا فعل الجميع ذلك.
وذلك لأن العمل التطوعي أصبح فرصة إضافية وهائلة لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في كافة أنحاء العالم، الذي يواجه تحديات متزايدة، فلو تطوع كل الناس، أي ثمانية مليارات من ساكنة هذه الأرض، لكان العالم مكانا أفضل، وهذا ما أكد عليه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتريس في رسالته السنوية الموجهة إلى كل المتطوعين والمتطوعات عبر العالم : ” في هذا اليوم المهم، دعونا نُعيد الالتزام بضمان أن يتمكن جميع الناس من بذل طاقاتهم لصياغة مستقبل أفضل لجميع الناس وللكوكب الذي نتشارك فيه”.
وبهذه المناسبة صرح السيد محمد العصفور رئيس المركز المغربي للتطوع والمواطنة، أن الاحتفال بهذا اليوم ببلادنا، يأتي في ظرف خاص يعرف فيه التطوع دفعة قوية، تطبعه الملحمة التطوعية التضامنية التاريخية التي عاشتها المملكة تحث القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في الثامن من شتنبر الماضي، والتي مكنت منذ الساعات الأولى من وقوع الزلزال، من تعبئة تطوعية وطنية استثنائية رسمية، مدنية، وشعبية، بفضل الدور الذي لعبه كل المتطوعات والمتطوعين أفرادا ومنظمات المجتمع المدني إلى جانب مجهودات الدولة الرسمية بكل مكوناتها في هذه الملحمة التطوعية التضامنية الفريدة من نوعها، التي وقف لها العالم إجلالا وتقديرا، وهو العمل الذي يتوجب علينا جميعا أفرادا وجمعيات وحكومة تثمينه واشاعته بيننا لانه بقوة الجميع يمكن أن ننتصر على الأزمات.
وهو ما أكد عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرة الله في خطابه ليوم الجمعة 13 أكتوبر الأخير امام أعضاء البرلمان ” وإذا كان الزلزال يخلف الدمار، فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار ” مضيفا جلالته ” ورغم هول الفاجعة، فإن ما يخفف من مشاعر الألم، ويبعث على الاعتزاز، ما أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني، وعموم المغاربة، داخل الوطن وخارجه، من مظاهر التكافل الصادق، والتضامن التلقائي، مع إخوانهم المنكوبين. ” ” قيم التضامن والتماسك الاجتماعي، بين الفئات والأجيال والجهات، التي جعلت المجتمع المغربي كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا.”
ويضيف رئيس المركز المغربي للتطوع والمواطنة، السيد محمد العصفور، أن التطوع ببلادنا عرف قفزة نوعية على المستوى التشريعي خاصة بعد إصدار القانون الخاص بتنظيم التطوع التعاقدي 18- 06، الذي يعد أحد الأوراش المهمة التي من شأنها مأسسة هذا العمل النبيل، ونشر ثقافة التطوع وتنظيمه ومساهمته في التنمية الوطنية، وهو الإنجاز التشريعي الذي جعل بلادنا تتبوأ مكانة خاصة في عالمنا العربي، كثاني بلد يتوفر على قانون للتطوع.
وفي الختام أعلن السيد محمد العصفور، أن المركز المغربي للتطوع والمواطنة ومؤسسة هانس زايدل، لتثمين المبادرات التطوعية لمنظمات المجتمع المدني، يستعدان لإحداث” جائزة وطنية للتطوع ” لأول مرة، وهي الجائزة التي تأتي انخراطا في مجهودات المملكة المغربية في نشر تقافة التطوع، التي يرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، واستلهاما من توجيهات جلالته الداعية لنشر ثقافة التطوع، ومصادقة الحكومة على قانون التطوع التعاقدي رقم 06-18، وكذا تحقيق رؤية النمودج التنموي الجديد للمملكة في إعداد وبناء المواطن المسؤول والمحقق لأهداف الوطن والمهتم بتمكين العمل التطوعي والاجتماعي. في أفق 2030.
واستشعارا لمسؤولية المركز والمؤسسة في نشر ثقافة التطوع، فإنهما يتوخيان من هذه الجائزة الإرتقاء بالمبادرات التطوعية والمساهمة في تنميته الوطن من خلال الجهد التطوعي، عبر تشجيع الجمعيات الحاملة لمشاريع ومبادرات متجددة شكلا وموضوعا ومضمونا، في مجال التطوع والعطاء الإنساني الذي يخاطب قضايا الحاضر ويلتمس إجابات ذكية لقضايا المجتمع، وهي الجائزة التي سيتم الاحتفال بها ضمن فعاليات المنتدى العربي للتنمية المجتمعية، في نسخته الخامسة بالمغرب، والذي ينظم سنويا تحث رعاية جامعة الدول العربية.