في أحضان الصحراء الواسعة، نشأت قصة حياة الحاج أحمد بن إبراهيم المُلقب بـــ”المالي” أكبر بارون مخدرات في إفريقيا، كانت بدايته في عام 1976 في كيدال، العاصمة الطارقية في مالي.
في سنة 1976 إدارة مكتب الأحوال المدنية كانت في مهدها، لدرجة أن أوراق هويته حتى اليوم لا تذكر يوم أو شهر الميلاد.
وُلِدَ “مالي” من أم مغربية وأب مالي، كان يعيش حياة بسيطة وتقليدية يرعى الإبل، تغيّرت حياته بشكل فجائي بفعل لقاء “غير متوقع”، حيث قابل رجلًا فرنسيًا ضائعًا في الصحراء، وقدّم له “المالي” المساعدة، وكتعبير عن امتنانه، قدم الفرنسي سيارته لـ”المالي” كتعبير عن الشكر على المساعدة.
باع “المالي” السيارة وأرسل هذه الأموال لصاحب السيارة عوض أن يحتفظ بها، فكانت هذه اللحظة هي بداية تحول حياته، بعدما أدرك الفرنسي أنه أمام رجل موثوق به، مما دفعه لدعوته للمشاركة في عمليات استيراد وتصدير السيارات بين أوروبا وإفريقيا.
هذه العملية منحت “المالي” خبرة واسعة في مجالات العبور والطرق والجمارك وأمور أخرى. ومن هنا بدأت رحلته المثيرة في عالم التهريب، حسب تصريح أحد أقارب “المالي” لصحيفة “جون أفريك”.
رحلة المُلقب بــ”المالي” من تجارة السيارات إلى تجارة “الذهب”
و بعد تجارة السيارات، اتجه “المالي” إلى تجارة الذهب وبنى شبكته في مناطق الساحل والصحراء التي تُعتبر مركزًا للجريمة المنظمة، مما جعله ملمًا بقبائل المنطقة ولهجات المجتمعات في أزواد، ورسم الخرائط في منطقة الساحل والصحراء.
دخول المُلقب بــ”المالي” عالم المخدرات
لكن التحول الكبير جاء مع دخول “المالي” عالم المخدرات، بدأ ينقل الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى غرب إفريقيا، ثم يواصل نقله إما عبر البر عبر مالي والنيجر، أو عبر البحر إلى الساحل المغربي ثم أوروبا.
أصبح “مالي” متحكمًا في سلسلة الإنتاج والتجهيز والتوزيع، ونسج علاقات مع جينرالات متورطين في السياسة والمخدرات في بوليفيا.
وقوع المُلقب بـ”المالي” في حب ابنة ضابط رفيع المستوى
القصة لم تكن مقتصرة على الجريمة، فقد وقع “مالي” في حب ابنة ضابط رفيع المستوى، الذي وافق على تزويجها له في إطار تحالف بينهما.
حياة الترف وعالم النساء
المُلقب بــ “المالي” لم يسلم من حياة الترف و”عالم النساء”، وهناك احتمال وجود لديه ابن في كل دولة، خصوصاً و أنه كان ينوي إغواء كاثرين دونوف وأنجلينا جولي، بالإضافة إلى مغنية مغربية لم تكشف هويتها مجلة “جون فريك”.
في عامه السادس والثلاثين، قرر تاجر المخدرات المليونير الإستثمار في تطوير نفسه، حيث قرر دراسة الماجستير في إدارة الأعمال والتمويل من إحدى الجامعات الإنجليزية، و بدأ يهتم و يُمارس الرياضة، لأنه أصبح يرتاد على نادي “السيجار” في أمريكا.
كان “مالي” يمتلك جزيرة خاصة في غينيا، وشققًا في البرازيل وروسيا – فقدها منذ بداية الحرب في أوكرانيا – وأرضًا في بوليفيا، بالإضافة إلى فيلا فاخرة في الدار البيضاء، وكان يمتلك حصة في فندق فاخر في ماربيا….
دعم دولي كبير
كان “المالي” يتمتع بدعم دولي كبير، حتى في المغرب، حيث في عام 2010، تعاون مع أحد المنتخبين في مدينة وجدة وعدد من القادة السياسيين في شمال المغرب وزاكورة لتهريب مخدر الشيرا إلى ليبيا ومصر، بالإضافة إلى نقله إلى الشواطئ الموريتانية من مدينة الجديدة ومدينة بوجدور، وتم تنفيذ هذه العمليات النقل ثلاث أو أربع مرات في السنة، مع كميات تتراوح بين 30 إلى 40 طنًا من الحشيش في كل مرة.
أعمال “المالي كانت تسير على ما يرام”، بعض السياسيين المغاربة يبيعون أسهمهم، ويستخدمها “المالي” لغسل أمواله، يشتري عدة شقق في منطقة مارينا السعيدية، واستثمر في مشاريع متنوعة، مثل المصانع، ويقوم بتقديم قروض بمبالغ كبيرة مع (الفائدة) لأصدقائه، المتورطين معه حالياً.
توقيف “المالي” بناءً على مذكرة بحث من الانتربول
في عام 2015، تمت ملاحقة “المالي”، الذي كان محل مذكرة توقيف من الأنتربول، واعتُقل بعد مطاردة مثيرة من طرف الدرك الموريتاني في صحراء موريتانيا الواقعة على الحدود مع المغرب، وكان يستقل سيارة تحمل ثلاثة أطنان من الكوكايين، إلى جانب مبالغ مالية كبيرة باليورو، وكان برفقته مواطن مغربي وجندي سابق في البوليساريو.
على الرغم من التوقيف الأول، تم الإفراج عن “المالي” بفضل شبكته المعقدة التي تضم بعض الجنود والقضاة الموريتانيين، ومع ذلك، في اليوم الذي كان من المقرر فيه أن يتجاوز الحدود ويغادر موريتانيا، تم اعتقاله من جديد من قبل قوات الدرك وبعد دفع مبالغ كبيرة، قضى “المالي” فقط أربع سنوات في السجون الموريتانية.
بعد خروج “المالي”، من سجن نواكشوط بتهمة تهريب “أطنان من الحشيش” في عام 2019، أن فكرة رئيسية سيطرت على تفكيره، وهي السعي إلى استعادة مكانته واسترداد أمواله من الأشخاص الذين اعتبرهم أصدقائه في الساحة السياسية المغربية.
اتهامات وجهها “المالي” لسياسيين مغاربة -أصدقائه- بالإستيلاء على مبلغ يتجاوز 3.3 مليون يورو
خلال فترة الأربع سنوات التي قضاها “المالي” في السجن، قام أصدقاؤه في الساحة السياسية بالاستيلاء على مبلغ يتجاوز 3.3 مليون يورو، بالإضافة إلى فيلته في الدار البيضاء، التي تم استحوذها من طرف رئيس نادي بكرة القدم، وشقته في الدار البيضاء المجاورة لفيلا زهاويكو، التي تم الإستيلاء عليها مؤخرًا من طرف شخصية سياسية معروفة بجهة الشرق.
الملقب بـ”المالي” قام بالإتصال بأصدقائه، حيث أخبرهم عن نيته استعادة أمواله وممتلكاته، وطرح عليهم، بشكل ساذج، سؤالاً عما إذا كان مطلوبًا في المغرب، لينفوا الأمر مؤدين القسم له.
توقيف الحاج أحمد بن ابراهيم “المالي” في مطار محمد الخامس
و مع ذلك، أشارت مجلة جون افريك إلى أن الأطراف المعنية قد نسجوا مؤامرة للتلاعب بإسكوبار إفريقيا، من خلال استدراجه إلى المغرب وتوقيفه من قبل المكتب المركزي للتحقيقات القضائية (BCIJ) مباشرةً عند وصوله إلى مطار محمد الخامس في الدار البيضاء في عام 2019.
و أكدت المجلة، على أن “المالي” كان على يقين من عدم وجود أي دليل ملموس على نشاطاته التهريبية في الصحراء لدى السلطات الأمنية المغربية، وفقًا للمعلومات التي كانت لديه.
تفاصيل توقيفه
بخصوص تفاصيل توقيفه، كشفت مجلة “جون أفريك” أن “المالي” أكد أن الشرطة المغربية قد صادرت 40 طنًا من “الحشيش” في الجديدة، في منطقة استراحة، بعدأن تم نقل هذه الشحنة عبر شاحنات كانت تتبع لشركة كانت ملكًا لـ “المالي” ولكن تم بيعها للبرلماني المشار إليه.
و مع ذلك، لم يقم البرلماني سالف ذكره بتغيير وثائق تسجيل هذه الشاحنات التي كانت لا تزال مسجلة باسم “بارون المخدرات”، وهو ما أدى في النهاية إلى توقيفه واعتقاله وسجنه في الجديدة.
يَتَهِمُ “المالي” شركائه المغاربة بالخيانة، خصوصاً أنه لا توجد لدى السلطات المغربية أدلة قاطعة ضده تتبث تورطه في قضايا تهريب الشيرا، و يعتبر نفسه ضحية لمؤامرة تم تنسيقها من قِبل عدة شخصيات مغربية، و قد قدم “المالي” ثماني شكاوى ضد منتخب الجهة الشرقية.
المصدر : مجلة جون افريك
بعد ليلة بيضاء من التحقيقات .. قاضي التحقيق يُقرر متابعة الناصيري والبعيوي في حالة اعتقال و إيداعهم سجن عكاشة
قرر قاضي التحقيق بغرفة الجنايات الإبتدائية بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء، في أولى ساعات صباح اليوم الجمعة 22 دجنبر، متابعة 23 شخصا من أصل 25 مشتبه في تورطهم في قضية “البارون المالي” في حالة اعتقال.
و أمر قاضي التحقيق بإحالة المتهمين سالف ذكرهم على سجن عكاشة، من بينهم سعيد الناصري، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة ورئيس نادي الوداد البيضاوي، وعبد النبي بعيوي، رئيس جهة الشرق، بتهمة الاتجار الدولي في المخدرات و تبييض الأموال و تزوير محررات رسمية.
و في نهاية المطاف، انتهت رحلة “المالي” بارون المخدرات الذي نشأ في قلب الصحراء وتحول إلى ظاهرة جريمية تمتد عبر القارة الإفريقية، بالسجون المغربية.
عن موقع: فاس نيوز ميديا