في عالم كرة القدم، هناك لحظات تتجاوز اللعبة نفسها. هذه اللحظات لا تتعلق فقط بالأهداف المسجلة أو الانتصارات التي تم تحقيقها، ولكن أيضًا بالأفراد الذين يكسرون الحواجز ويمهدون الطريق للآخرين ليتبعهم. ومن بين هؤلاء الأفراد بشرى كربوبي، الحكم المغربي التي دخلت التاريخ عندما أصبحت أول حكم امرأة مغربية وعربية تدير مباراة للرجال في كأس الأمم الأفريقية.
تبدأ الرحلة
بدأت رحلة بشرى كربوبي في عالم التحكيم عام 2001. ومع شغفها باللعبة ورغبتها في المساهمة في كرة القدم بطريقة فريدة، شرعت في السير على طريق قادها إلى أن تصبح واحدة من أكثر الحكام احتراما في أفريقيا. على مر السنين، ارتقى كربوبي في مراتب مهنة التحكيم، وحصل على ترقيات واكتسب خبرة قيمة على طول الطريق.
رائدة في كرة القدم النسائية
قبل أن تصنع التاريخ في كرة القدم للرجال، تركت بشرى كربوبي بصمتها في كرة القدم النسائية. وفي صيف العام الماضي، أصبحت أول حكمة مغربية تدير مباراة في كأس العالم للسيدات FIFA الذي تستضيفه أستراليا ونيوزيلندا. وكانت المباراة مثيرة بين الولايات المتحدة وفيتنام، وتم الإشادة بأداء كربوبي لاحترافيتها ودقتها في اتخاذ القرار. وساعدتها مواطنتاها فاطمة الجرموني وسكينة حمدي اللتان لعبتا أيضا دورا حاسما في ضمان مباراة عادلة وسلسة.
كأس الأمم الإفريقية علامة فارقة
في يناير من هذا العام، حققت بشرى كربوبي إنجازًا آخر في مسيرتها المهنية. وتم تعيينها حكماً رئيسياً لمباراة غينيا الاستوائية ونيجيريا في دور المجموعات بكأس الأمم الأفريقية. وهذا التعيين جعلها أول حكمة مغربية وعربية تدير مباراة للرجال في البطولة المرموقة. وساعد كربوبي كل من كارين فومو من الكاميرون وديانا تشيكوتيشا من زامبيا كحكمين مساعدين، وجلال جيد كحكم رابع. وأظهرت المباراة خبرة كربوبي وقدرته على التعامل مع مواقف الضغط العالي بثقة ورباطة جأش.
الاعتراف والجوائز
إن مساهمات بشرى كربوبي في عالم كرة القدم لم تمر مرور الكرام. وتقديراً لإنجازاتها المتميزة، تم تكريمها بجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتميز الرياضي لكونها “أفضل حكمة كرة قدم عربية”. أقيم حفل توزيع الجوائز في دبي، الإمارات العربية المتحدة، وسلط الضوء على تفاني كربوبي ومهارته والتزامه بهذه الرياضة.
إلهام أجيال المستقبل
إلى جانب إنجازاتها الفردية، تعتبر بشرى كربوبي بمثابة مصدر إلهام للحكام الطموحين، وخاصة الفتيات الصغيرات اللاتي يحلمن بترك بصمتهن في عالم كرة القدم. رحلتها من المباريات المحلية إلى البطولات الدولية هي شهادة على قوة الإصرار والعمل الجاد وكسر الحواجز. من خلال كسر الصور النمطية بين الجنسين وإثبات قدراتها على أرض الملعب، فتحت كربوبي الأبواب أمام نساء أخريات لممارسة مهنة التحكيم والمساهمة في نمو هذه الرياضة.
إن رحلة بشرى كربوبي من فتاة صغيرة شغوفة بكرة القدم إلى أن أصبحت أول حكمة مغربية وعربية تدير مباراة للرجال في كأس الأمم الأفريقية هي شهادة على تصميمها ومهارتها والتزامها بهذه الرياضة. لقد حطمت إنجازاتها الحواجز ومهدت الطريق لمزيد من النساء لدخول مجال التحكيم. ومن خلال مسيرتها المهنية الرائعة، ألهمت أجيال المستقبل من الحكام ولفتت الانتباه إلى الحاجة إلى التنوع والشمول في كرة القدم. سيظل تأثير بشرى كربوبي على عالم كرة القدم محسوسًا لسنوات قادمة، حيث يعد إرثها بمثابة تذكير بأنه لا يوجد حلم كبير جدًا ولا يوجد أي حاجز أكبر من أن يتم التغلب عليه.
عن موقع: فاس نيوز ميديا