في العصر الرقمي الحديث، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مصدرًا رئيسيًا لتبادل المعلومات والتواصل بين الأفراد والشركات. ومع تزايد استخدام هذه المنصات، ظهرت ظاهرة جديدة تشير إلى تحول بعض صناع المحتوى نحو ممارسة نوع من العبادة الرقمية، مدفوعين برغبتهم في جني الأرباح من الإعلانات الرقمية.
في دراسته العلمية، يؤكد الباحث أحمد النميطة البقالي، الذي يحمل درجة باحث الدكتوراه في مجال حماية حقوق الإنسان الرقمية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، على أن هذا التحول قد أدى إلى ظهور محتوى رقمي مضلل وزائف، مما يشكل تهديدًا خطيرًا على حياة الأفراد ومجتمعاتهم بالعالمين الرقمي و الحقيقي.
و بحسب الباحث أحمد النميطة البقالي، يعتمد الكثير من صناع المحتوى على جعل الهدف الأسمى من صناعة المحتوى ليس الموضوع بل فقط إيرادات الإعلانات التي تقدمها شركات كبرى مثل غوغل وميتا، دون أن يأخذوا في اعتبارهم التأثير السلبي الذي قد ينتج عن محتواهم. وبدلاً من التركيز على تقديم محتوى ذو قيمة مضافة وأخلاقية، ينجذبون إلى جني الأرباح بأي شكل من الأشكال، مما يعكس سلوكيات تشبه العبادة الرقمية.
و يشير الباحث إلى أن هذا السلوك قد تحول في بعض الأحيان إلى تقديس لأرباح الإعلانات، حيث يتجاهل الصناع المحتوى الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية، ويسعون فقط لزيادة الأرباح بغض النظر عن تبعات ذلك على المجتمع والفرد.
و على ضوء ذلك، يعد تحول صناع المحتوى إلى عبادة حقيقية لدولارات الإعلانات الرقمية مصدرًا خطيرًا للتضليل والتزييف والعنف الرقمي. وللتصدي لهذه الظاهرة، يقول الباحث أحمد النميطة البقالي أنه يجب على الجهات المختصة اتخاذ إجراءات فعالة لتنظيم الإعلانات الرقمية وضمان أن المحتوى الذي يتم تقديمه على منصات التواصل الاجتماعي يلتزم بالمعايير الأخلاقية ويحافظ على سلامة المستخدمين.
و بناءً على إشكالية هذا الموضوع، اقترح الباحث أحمد النميطة البقالي تقديم عدة توصيات للتعامل مع تأثيرات الإعلانات الرقمية على صناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي:
- توعية الصناع والمستخدمين:
ينبغي تعزيز التوعية بأخلاقيات إنشاء المحتوى وضرورة الحفاظ على مصداقيته وجودة المعلومات المقدمة، بحيث يكون التركيز على تقديم محتوى يضيف قيمة حقيقية للمستخدمين. - تشديد الرقابة والتنظيم:
يجب على الجهات المختصة تشديد الرقابة والتنظيم على الإعلانات الرقمية للحد من انتشار المحتوى الرقمي المضلل والغير أخلاقية، وضمان تطبيق معايير السلامة والأمان على منصات التواصل الاجتماعي. - تحفيز الإبداع والابتكار:
يجب تشجيع صانعي المحتوى على تقديم محتوى إبداعي ومبتكر يستند إلى معايير أخلاقية ويحقق أهدافاً إيجابية للمجتمع، بدلاً من التركيز على جني الأرباح بأي ثمن. - التعاون مع الشركات الرقمية:
ينبغي على شركات الإعلانات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي التعاون مع الجهات الحكومية والمجتمع المدني لتطبيق مبادئ وسياسات تحافظ على سلامة وأمان المستخدمين وتحد من انتشار المحتوى الضار. - تعزيز الشفافية:
يجب على الشركات المشغلة للمنصات الرقمية وشركات الإعلانات الرقمية تعزيز الشفافية في عملياتها والتوضيح الكامل لمعايير وسياسات الإعلانات وكيفية تصفية المحتوى المضلل.
ينهي الباحث أحمد النميطة البقالي كلامه أنه من خلال تبني هذه التوصيات، يمكن تقليل تأثيرات الإعلانات الرقمية السلبية على صانعي المحتوى وضمان تقديم بيئة أكثر أمانًا ومصداقية على منصات التواصل الاجتماعي.
عن موقع: فاس نيوز ميديا