عقدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اجتماعها العادي، آواخر الأسبوع المنصرم، برئاسة الأمين العام عبدالاله ابن كيران. وبعد الاستماع إلى تقارير حول المستجدات السياسية والعمل الحكومي والشأن البرلماني، والاجتماع الأول للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع للحزب، ومختلف أنشطة الحزب المركزية والمجالية، وبعد مناقشتها لمختلف المستجدات والتقارير، تؤكد الأمانة العامة على المواقف التالية :
العدوان الصهيوني الغاشم في غزة والضفة والقدس والأقصى
- تجدد الأمانة العامة استنكارها بشدة وتنديدها بقوة بحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي العنصري والحصار المستمر والتجويع والمجازر الوحشية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني النازي في غزة في حق المدنيين العزل، والتي كان آخرها “مجزرة دوار النابلسي” التي ذهب ضحيتها على مرأى ومسمع واعتراف من العالم أزيد من 100 شهيد و800 جريح مدني كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية، ومواصلة الاحتلال الصهيوني الغاشم للاقتحامات والاعتقالات والاغتيالات في الضفة الغربية وهجومه وتدنيسه ومنعه للمصلين في القدس والأقصى والاعتداء عليهم، ونحن على أبواب شهر رمضان، كل ذلك في ظل تواطؤ ودعم مباشر أمريكي ودولي متزايد، وتقاعس عربي وإسلامي.
- تجدد الأمانة العامة مرة أخرى دعوتها للدول العربية والإسلامية ونحن بعد خمسة أشهر من حرب الإبادة الجماعية في غزة وعلى أبواب شهر رمضان الفضيل، وتذكرهم بما يفرضه عليهم واجب الدين والشرع والأخوة والمسؤولية أمام الله عز وجل وأمام شعوبهم للقطع مع السلبية أمام ما يعيشه إخوانهم في غزة وفلسطين عامة من مآسي وآلام والمبادرة إلى نصرتهم وإغاثتهم والوقوف إلى جانبهم، والضغط بكل الوسائل على الكيان الصهيوني الغاصب وشريكته أمريكا، ومن ضمنها إلغاء التطبيع وكل العلاقات مع هذا الكيان الغاصب والوحشي والدموي والمنحط والذي لم يعرف له التاريخ مثيلا.
- تشيد الأمانة العامة في هذا الصدد بموقف المغرب الذي أدان واستنكر بشدة استهداف القوات الإسرائيلية لمدنيين فلسطينيين في شارع الرشيد، شمال قطاع غزة، وتأكيد رفضه القاطع لانتهاكات القانون الدولي الإنساني، ودعوته إلى تحقيق مستقل وشفاف في هذا العمل المشين ومعاقبة المتسببين فيه، ودعوة جلالة الملك “المجتمع الدولي للتدخل بشكل عاجل من أجل وقف فوري ودائم وشامل لإطلاق النار وتأمين إيصال المساعدات إلى الفلسطينيين بدون عوائق وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.”
تطورات ملف الصحراء المغربية
- تُشيد الأمانة العامة بالسياسة الحازمة لجلالة الملك حفظه الله في هذا المجال، وبالدينامية المتصاعدة والمتعددة الأبعاد التي تعرفها العلاقات المغربية الإسبانية، وتسجل بإيجابية نتائج الزيارة الناجحة لرئيس الحكومة الإسباني، السيد بيدرو سانشيز، إلى المغرب ومواقف إسبانيا الجديدة الإيجابية والبناءة بخصوص قضية الصحراء المغربية والتي تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية هذا الخلاف.
- تسجل الأمانة العامة خيبة الأمل بخصوص موقف فرنسا المتردد والغامض من ملف الصحراء المغربية والذي عبر عنه وزير خارجيتها خلال زيارته الأخيرة للمغرب، لا سيما وأن هذه الزيارة سبقتها إشارات تشير إلى رغبة فرنسا في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع المغرب ارتباطا بملف الصحراء المغربية. وتؤكد الأمانة العامة أن الاستمرار في ترديد نفس العبارات المتجاوزة والتي لا تنسجم مع الدينامية المتصاعدة التي تعرفها قضية الصحراء المغربية على المستوى الدولي والتطور الإيجابي لمواقف الدول الكبرى التي حسمت موقفها وانتصرت للسيادة الوطنية والترابية للمغرب على صحرائه وللمبادرة المغربية للحكم الذاتي، وهو ما يفرض على فرنسا بالنظر لعلاقاتها التاريخية مع المغرب ومعرفتها بهذا الملف أن تبادر وتكون سباقة لتحسم موقفها بوضوح وتَقْطَعَ نهائيا مع التردد والغموض غير المقبول وغير المنتج في قضية وجودية ومحددة للعلاقات والسياسة الخارجية للمغرب.
تعيين أعضاء اللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة المناهج والبرامج
- تسجل الأمانة العامة باستغراب ورفض شديد أن تركيبة اللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة المناهج والبرامج، رئيسا و خبراء تجسد بوضوح تكريس الحكومة ووزير التربية الوطنية لمنطق الإقصاء والاستفراد بملف وطني استراتيجي من خلال تغييب الخبراء ذوي التجربة الميدانية المنتمين لقطاع التربية والتكوين، من أساتذة ومفتشين ومكونين، و تكريس الفكر الواحد وهيمنة مشارب وحساسية فكرية بعينها، في ملف وطني كبير يرسم ملامح المواطن المغربي المنشود، ويحدد نموذج المجتمع المغربي الموسوم على الدوام بتشبثه بثوابت الأمة المغربية وهويتها الحضارية المتعددة الروافد، والمنفتح والمتفاعل إيجابا مع محيطه، هذا فضلا عن كون أن رئيس اللجنة هو في نفس الوقت عضو خبير في المجلس الأعلى للتربية والتكوين، فهو الذي سيسهر على تحضير المناهج والبرامج في إطار هذه اللجنة وهو الذي سيتسلمها كخبير في المجلس الأعلى قصد إبداء الرأي فيها!
- كما تسجل الأمانة العامة أن هذا التوجه الانفرادي والإقصائي انطلق قبل تشكيل هذه اللجنة نفسها حيث أصدرت الوزارة عددا من الوثائق المرجعية وقامت بتنزيل عدد من الخيارات البيداغوجية، من قبيل الشروع في تعميم ما سمي بمدارس الريادة في السلك الابتدائي، وشرعت في تجريبها بالسلك الثانوي الإعدادي انطلاقا من السنة الدراسية المقبلة، وتبنت فعليا عددا من الخيارات التعليمية، كإقرار عدد من المواد الدراسية والمقاربات البيداغوجية، فضلا عن استمرارها في فرض خيارات لغوية خارج القانون الإطار الخاص بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وفي غياب مرسوم الهندسة اللغوية.
الحريات والشأن الحقوقي
- تنبه الأمانة العامة الحكومة إلى خطورة استفحال المتابعات القضائية التي حركها بعض المسؤولين الحكوميين والأحزاب في حق مسؤولين حزبيين ومدونين وصحافيين…، ومحاكمة محتجين على خلفية الاحتجاجات السلمية التي تعرفها منذ أسابيع مدينة فجيج حول قرار تفويض تدبير مرفق الماء. وفي نفس الوقت الذي تدعو فيه الأمانة العامة إلى إعمال صوت العقل واحترام الحقوق والحريات وعلى رأسها حرية التعبير وعدم اللجوء إلى المتابعات القضائية لإسكات الأصوات المنتقدة، فإنها تدعو المدونين ومهنيي الصحافة والإعلام إلى استحضار التوازن اللازم والترابط المطلوب بين الحرية والمسؤولية وضرورة مراعاة القواعد المهنية واحترام الخصوصيات وقرينة البراءة.
التنزيل المتسرع للقانون المتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات
- وارتباطا بالاحتجاجات التي تعرفها مدينة فجيج بخصوص طريقة تدبير مرفق الماء، يذكر الحزب بمواقفه الرافضة للقانون المتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات، وتصويت مجموعته بمجلس النواب بالرفض على هذا القانون، وتنبيهه في حينه للإشكاليات الدستورية والعملية والخدماتية التي تطرحها هذه الشركات الجهوية في تدبير هذا المرفق العمومي الحيوي والمرتبط بخدمة من خدمات القرب.
- كما تنبه الأمانة العامة الحكومة إلى غياب الرؤية والتسرع في تنزيل هذا القانون من خلال إصدار مرسوم يحدد آجالا ومراحل ثلاث تضم 4 جهات في كل مرحلة، دون توفير الشروط اللازمة لنجاح هذا الورش، وهو مما قد يؤثر سلبا على مستوى تدبير هذا المرفق الحيوي خصوصا والمغرب يعيش وضعية إجهاد مائي حاد، ويدعوها في هذا الصدد إلى اعتماد التشاور الواسع مع الساكنة والمنتخبين وإعمال التدرج في التنزيل ومراعاة بعض الخصوصيات المحلية في مجال تدبير الماء.
الأزمة المتواصلة لطلبة الطب والصيدلة
- تستغرب الأمانة العامة تخلف وتواري رئيس الحكومة كعادته عن القيام بأدواره الرسمية، مقابل حرصه على حضور كل الأنشطة الحزبية، وذلك بالرغم من استمرار أزمة وإضراب طلبة كليات الطب والصيدلة وتفاقمها منذ أسابيع، وتدعو الوزراء المعنيين الى التوقف عن لغة التصعيد والتشكيك، وتدعو الحكومة إلى تجنب السقوط في التصعيد وفي نفس الأخطاء التدبيرية والتواصلية التي وقعت فيها وإلى عهد قريب في ملفات مشابهة قبل أن ترضخ بعد تضييع الزمن المدرسي وشهور من تأجيج الاضطرابات والاحتجاجات، وتطالبها بالتفهم وإعمال الحوار والإنصات -باستعجال ودون انتظار – للإشكالات العملية الحقيقية التي يطرحها طلبة الطب والصيدلة والمرتبطة بتقليص سنوات الدراسة ولا سيما تلك المتعلقة بضمان الجودة وتوفير التكوين والتأطير والتدريب الميداني الكافي. كما تدعو طلبة الطب إلى تغليب منطق الحوار والسعي إلى التوافق حول حلول عملية لمعالجة الإشكاليات المطروحة لتجنب ضياع السنة الجامعية.
ملف محاربة الفساد وتقارير المجلس الأعلى للحسابات
- تثمن الأمانة العامة مضامين البلاغ التوضيحي الذي أصدره الأخ الأمين العام للحزب بخصوص ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات حول استفادة الحزب من الدعم العمومي الخاص بإنجاز المهام والدراسات، وترفض أسلوب التشهير الذي اعتمده للأسف المجلس في تقريره الأخير بذكر اسم الأخ مصطفى الخلفي في الوقت الذي يتوفر المجلس على وثائق تؤكد عدم استفادته نهائيا من هذا الدعم وكونه أنجز هذه الدراسة تطوعيا ومجانا، وتذكر بما سبق وأكدته في بلاغ سابق بمواقف الحزب بخصوص ملف محاربة الفساد وإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتأكيدها على الأدوار الهامة التي ينبغي أن يضطلع بها المجلس الأعلى للحسابات للمساهمة في تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية، واستغرابها كون المجلس أصبح يركز ويختزل هذا الملف الحيوي في علاقته بالأحزاب السياسية وبالمنتخبين، دون غيرهم من المسؤولين المعينين على مستوى السلطات المركزية والترابية ومختلف الإدارات والمؤسسات والأجهزة العمومية.
- كما تذكر الأمانة مرة أخرى وتنبه إلى كون هذه المنهجية، وبالإضافة لكونها تغفل مخاطر كبيرة في مجال التدبير العمومي والأموال العمومية لكون الميزانيات والاختصاصات المخولة للأحزاب السياسية والمنتخبين تبقى ضعيفة جدا بالنظر للميزانيات الضخمة والاختصاصات الكبيرة المخصصة للمسؤولين المعينين مركزيا وترابيا، فإنها تعطي الانطباع بأن الفساد مرتبط فقط بالأحزاب السياسية وبالمنتخبين، وأن باقي المسؤولين يتمتعون بحصانة، وهي منهجية وبقدر ما تكثر مخاطر الفساد وهدر الأموال العمومية، فإنها تساهم في تبخيس العمل السياسي والحزبي وصرف المواطنين عن الانخراط في تدبير الشأن العام.
- وفي هذا الصدد، تؤكد الأمانة العامة أن تَلَقُّفَ بعض ماورد في تقارير المجلس من أمور غير صحيحة من طرف بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية والترويج لها دون التأكد والتحقق وفق ما تقتضيه مبادئ وأخلاقيات المهنة، لن يجدي نفعا في محاولة التغطية والإلهاء وتحويل الأنظار عن ملفات الفساد وحالات تضارب المصالح الكبيرة والضخمة من مثل الأموال الطائلة التي تجنيها بملايير الدراهم شركات المحروقات على حساب المواطنين والاقتصاد الوطني، وعلى رأسها شركة يملكها رئيس الحكومة، وباعتراف مؤسسة دستورية رسمية وباعتراف هذه الشركات نفسها التي اضطرت لأداء غرامة تصالحية، والاتفاق الذي أسقط بين عشية وضحاها في 2023 واجبات ضريبية بملايين الدولارات لفائدة شركة مرتبطة باستغلال غاز تندرارة بعد توقيعها قبل ذلك على عقد امتياز واحتكار لاستغلال هذا الغاز مع شركة يملكها رئيس الحكومة، والذي أريد له أن يبقى سريا لفترة معينة، دون أن ننسى التذكير بتخويل مجموعة ضمنها شركة يملكها رئيس الحكومة صفقة بملايير الدراهم لتحلية مياه البحر في الدار البيضاء، والتي وبالرغم من أن الهيئة الوطنية للنزاهة حفظت بشأنها، لأسباب مرتبطة بالقوانين الجاري بها العمل، الشكاية التي قدمتها المجموعة النيابية للحزب، إلا أن هذا الملف يبقى مطروحا من الناحية الموضوعية والأخلاقية ويتطلب ودون تأخر ملأ الفراغ التشريعي الحالي بإخراج القانون المتعلق بالمخالفات المرتبطة بتنازع المصالح كما ينص على ذلك الفصل 36 من الدستور، والذي سبق وأثاره رئيس الهيئة وأبدت الهيئة ملاحظاتها بشأنه.
- كما تؤكد الأمانة العامة أن الحزب سيواصل مساره كما كان دائما في الاحترام والالتزام التام بالقانون والشفافية والنزاهة في تدبيره المالي كما كان دائما، وفي نفس الوقت لن يتخلى عن فضح الفساد والتصدي للمفسدين وكل حالات تضارب المصالح لما فيه مصلحة الاقتصاد الوطني والمقاولات الوطنية وبما يساهم في خلق أجواء المنافسة الشريفة ويضمن استفادة كل الشركات الوطنية على قدم المساواة من الصفقات العمومية والفرص الاستثمارية المتاحة ويقطع مع الريع والتركيز والاحتكار ويشجع المبادرة الحرة والمقاولات والاستثمار ببلدنا.
مستجدات الشأن الحزبي
- تثمن الأمانة العامة الأجواء الإيجابية ونفس الطموح التي طبعت أشغال الاجتماع الأول للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع بتاريخ 24 فبراير الماضي، وحرصها على جعل هذه المحطة السياسية والحزبية مناسبة لإشراك وتعبئة المناضلين والمناضلات وخلق دينامية سياسية داخليا وخارجيا. ولهذا الغرض، شكلت اللجنة التحضيرية لجانها الفرعية واختارت رؤساء هذه اللجان وناقشت منهجية اشتغالها وأطلقت عملية إعداد برنامجها التفصيلي في أفق عرضه على الأمانة العامة في اجتماعها المقبل بتاريخ 30 مارس بحول الله.
المصدر : فاس نيوز ميديا