مقال رأي – أيها السادة، مسؤولو منظمة الصحة العالمية، بعد التحية والتقدير، نوجه إليكم هذه المراسلة المستعجلة لنلتمس منكم أن تدركوا جارتنا الشرقية قبل فوات الأوان، فيصبح الوضع خارج السيطرة وغير قابل للعلاج.
إننا نخبركم، أيها السادة، بأن كل المؤشرات تؤكد أن ظاهرة الحمق والاضطرابات النفسية مستشرية في الجزائر بشكل ملفت حيث يمكن اعتبار كل البلاد مستشفى مفتوح للأمراض العقلية والنفسية، لكن في غياب أدنى شروط العلاج؛ مما يُرشح الظاهرة للاستفحال.
لذا، فإننا نتوجه إليكم بهذه المراسلة من أجل التدخل العاجل من طرف منظمتكم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فالحمق قد أصبح جماعيا في الجزائر، لا فرق بين الحكام والمحكومين، ولا بين النخب والعوام، ولا بين المتعلمين وغير المتعلمين…والأحمق يُعرف من طريقة كلامه وتصرفاته وحركاته. وقد حصل في الجزائر تطور خطير في الأسابيع الأخيرة؛ فرئيس الجمهورية أصبح يضرب بالحجر، ولم يعد يكتفي بالهرطقات والسفاسف التي تعودنا عليها؛ ولا شك أنكم قد لاحظتم كيف يطلق الكلام على عوانه في المحافل الدولية، دون أن يدرك بأن ذلك يجعل منه أضحوكة في العالم، خصوصا بسبب الأرقام الوهمية التي يقدمها والمشاريع الخيالية التي يطلقها وكأنها ستتحقق من تلقاء نفسها. وإذا كانت مثل هذه الأشياء تدل على مستوى معين من الخلل الذهني، فإن الضرب بالحجر يعتبر درجة متقدمة في الحمق.
أما رئيس الأركان، سعيد شنقريحة، فهوسه قديم حيث أصابه المس منذ سبعينيات القرن الماضي حين اعتقله الجيش المغربي في أمغالا بالصحراء الغربية المغربية. وقد سكنه جن مغربي منذ ذلك العهد ولم يرد أن يفارقه. فرغم مجهودات الرقاة الجزائريين والعرافين الأفارقة، فلم يفلحوا في إخراج الجني المغربي من جسده.
وإذا كان هرم السلطة مصاب بالحمق، فما بالك بالوزراء والولاة ورؤساء المؤسسات الرسمية ومن هم تحت إمرتهم؛ وقس على ذلك رؤساء الأحزاب والنقابات. فالكل يشترك مع رئيس الجمهورية ورئيس الأركان في الحمق والاهتزاز النفسي، وإن بدرجات متفاوتة بين هذا وذاك.
والأخطر في الأمر أن الحمق لم يصب الحكام فقط، من عسكريين ومدنيين؛ بل أصاب المجتمع كله إلا من أخذ الله بيده وحفظه مما أصاب الحكام وغير الحكام من تعطيل للعقل ولملكة التفكير السليم.
وإن راودكم شك، أيها السادة، فيما نقول، فإننا نحيلكم على الإعلام الجزائري بكل فروعه، سواء منه الرسمي أو غير الرسمي، المرئي أو المسموع، الورقي أو الإليكتروني. وسواء تحدثنا عن الإعلام الرياضي أو الإعلام السياسي، فسوف تُصدمون بحقيقة الحمق الجماعي في الجزائر الجديدة (“القوة الضاربة” أو الحظيرة الكبرى)، والذي يعكسه هذا الإعلام بكل وضوح.
وإن اكتفينا بالإعلام الرياضي المفروض فيه أن يتحلى بالروح الرياضية وتتسم تحاليله بالموضوعية، سوف تدركون أن الإعلاميين الجزائريين يعانون من خلل كبير في تصورهم لدورهم الإعلامي وفي طريقة تفكيرهم وتناولهم للقضايا الرياضية. إنهم يعطون الدليل بأنهم يعانون من الحمق الجماعي الذي يعاني منه نظامهم. وقد كشف قميص نهضة بركان هذه الحقيقة حيث تساوى فيها الإعلاميون الذين كنا نعدهم نزهاء في تحاليلهم وحقانيين في مواقفهم، تساووا مع الذباب الإليكتروني التابع للعسكر، والذي مهمته الحصرية، هي التهجم على المغرب بكل أشكال السب والشتم والقذف وكل أنواع القذارة.
فحتى أولئك الشيوخ الذين كنا نحترمهم على ماضيهم الرياضي وعلى ما كانوا يبدونه من موضوعية في تحاليلهم الرياضية، كشفوا عن معدنهم الصدئ وعن انخراطهم في الحمق الجماعي الذي عرف النظام العسكري كيف يعممه على المجتمع بكل مؤسساته وطبقاته. ونكتفي بالإشارة إلى الإعلامي المشهور، السيد علي بن الشيخ، الذي لم يخجل من دعوة الاتحادية الجزائرية لكرة القدم (“الفاف”)، وفي برنامج تلفزيوني، إلى شراء المواقف في “الكاف” بكل الطرق وبأي ثمن.
إننا نعلم، أيها السادة، أن المهمة ليست سهلة وتحتاج إلى عدد كبير من الأطر المتخصصة في علاج الأمراض النفسية والعقلية؛ خصوصا وأن الأمر يتعلق بحمق جماعي يصعب علاجه دون علاج المركبات النفسية العويصة المستحكمة في النظام وفي نخبه، ما لم يكن الغباء الذي لا دواء له هو السبب الرئيسي في هذه الكارثة. ونتمنى أن تلتفتوا إلى هذه الوضعية وتعملوا ما في وسعكم لإنقاذ، على الأقل، الحالات الغير ميؤوس منها.
وفيما يخص التمويل، لا تحملوا هما لذلك. فالخزينة العامة الجزائرية دائما مستعدة للأداء. فهي ليست مُقَتِّرة إلا على الشعب المغلوب على أمره والذي يقضي سوا يومه في الطوابير لعله يحصل على شكارة حليب أو قنينة زيت أو كيلو بطاطا أو غيرها من أبسط المواد الغذائية الأساسية. أما حين يتعلق الأمر بالإنفاق على من يعادي مصالح المغرب، فالأموال دائما موجودة. ويمكن للمنظمة أن تستغل هذا الجانب للحصول على التمويل الكافي، كأن تتهم المغرب، مثلا، بأنه هو السبب فيما تعانيه الجزائر من أعطاب نفسية ومن حمق جماعي.
بقلم : محمد إنفي
المصدر : فاس نيوز ميديا