نزاع الصحراء الغربية المغربية هو قضية مفتعلة وطويلة الأمد تعود جذورها إلى التاريخ الاستعماري للمنطقة. تقع هذه المنطقة في الركن الشمالي الغربي من أفريقيا، وهي غنية بالفوسفات والنفط والغاز البحري المحتمل، مما يجعلها أرض ذات أهمية اقتصادية كبيرة.
تاريخياً، كانت المنطقة المعروفة مأهولة بالعديد من القبائل البدوية المغربية التي استعمرتها إسبانيا في أواخر القرن التاسع عشر، بعد توافق مع القوى الإستعمارية آنذاك، فرنسا وإيطاليا وإنجلترا. وفي عام 1975 استعادت المملكة المغربية صحراءها بعد قيام المغاربة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني بالمسيرة الخضراء المظفرة، إلا أن دولا في الجوار (الجزائر)، محسوبة على المعسكر الشرقي، ومعادية للنظام الملكي المغربي، وبإيعاز ودعم من بعض القومجيين العروبيين آنذاك، ليبيا ومصر، خلقوا كيانا وهميا (جبهة البوليساريو) بعد أن غرروا بعدد قليل من الصحراويين وأضافوا إليهم مرتزقة من مختلف البلدان جنوب الصحراء بدعوى أنهم صحراويون مغاربة يطالبون بالإستقال، ووطنتهم الجزائر فوق أراضيها (تيندوف) التي استقطعها المستعمر الفرنسي من المغرب وألحقها بأراضيه (الجزائر الفرنسية)، في الوقت الذي كانت الصحراء عبر التاريخ مغربية وسكانها ملتزمون ببيعة السلاطين والملوك العلويين.
حاولت الأمم المتحدة التوسط في النزاع، واقترحت إجراء استفتاء للسكان المحليين لتقرير مصير الإقليم. إلا أن الخلافات حول أهلية الناخبين وقضايا أخرى عطلت العملية. وفي الوقت نفسه، استثمر المغرب في أقاليمه الجنوبية، شأنها شأن باقي تراب المملكة، ويقترح منح الحكم الذاتي داخل الدولة المغربية.
إن التداعيات الجيوسياسية للنزاع مهمة، وتشمل الاستقرار الإقليمي، ومصالح الجزائر المجاورة التي تبحث لها على منفذ إلى المحيط الأطلسي، وموقف المجتمع الدولي الأوسع نطاقاً من تقرير المصير والسلامة الإقليمية.
وقد سلط المؤتمر الذي عقد مؤخرًا بعنوان ”الصحراء الغربية في 10 أسئلة“ مع برنار لوغان في الجامعة الأورومتوسطية بفاس الضوء على هذه القضايا. يعرض لوغان، وهو مؤرخ، الحجج التي تدعم المطالبة المغربية بالإقليم، مستندًا إلى القانون الدولي والأدلة التاريخية. ويساهم عمله في النقاش الدائر حول الصحراء المغربية، حيث يقدم رؤى حول الأبعاد القانونية والتاريخية للنزاع، التي تؤكد مغربية الصحراء وتبرهن على البيعة التي ربطت الصحراويين عبر التاريخ بالعرش العلوي.
في النقاش حول الصحراء الغربية، تبرز أهمية الفهم العميق للتاريخ والسياق الثقافي للمنطقة. برنار لوغان، في مؤتمره “الصحراء الغربية في 10 أسئلة”، يقدم وجهة نظر تحليلية تستند إلى الأدلة التاريخية والخرائط والمعاهدات لتأكيد أن الصحراء الغربية كانت جزءًا لا يتجزأ من المغرب.
يتناول لوغان أيضًا الدور الذي لعبته إسبانيا في تاريخ الصحراء الغربية، وكيف حاولت الحفاظ على نفوذها بعد فترة الاستعمار. ولا يغفل عن ذكر الجزائر ودعمها لجبهة البوليساريو، مشيرًا إلى التعقيدات السياسية التي تشكل جزءًا من النقاش حول السيادة وتقرير المصير.
يؤكد لوغان على أن الفهم الدقيق للماضي والثقافة يمكن أن يساعد في تشكيل مستقبل الصحراء الغربية، ويدعو إلى نهج مستنير يأخذ في الاعتبار جميع الجوانب التاريخية والثقافية للمنطقة. هذا النوع من التحليل يمكن أن يوفر أساسًا متينًا للحوار والتفاهم بين جميع الأطراف المعنية.
لا تزال قضية الصحراء المغربية موضوعًا يحظى باهتمام دولي، مما يعكس التحديات الأوسع نطاقًا المتمثلة في تشكيل الدولة ما بعد الاستعمار، والهوية الوطنية، والتعاون الإقليمي. ومع استمرار المناقشات، يستمر الأمل في التوصل إلى حل سلمي وعادل، مع التأكيد على الحاجة إلى الحوار والتفاهم بين جميع الأطراف المعنية بما فيها الجزائر. يمكن الاطلاع على الاستكشاف الكامل لهذا الموضوع في كتاب لوغان الأخير، الذي يتعمق في الأسئلة العشرة الحاسمة المحيطة بنزاع الصحراء المغربية.
عن موقع: فاس نيوز