غالبًا ما تجد موريتانيا نفسها في موقف حساس في ظل النزاع حول الصحراء، حيث تتعرض لضغوط من دبلوماسية مغربية نشطة تسعى لكسب دعم نواكشوط لمقترح الحكم الذاتي، ومن ناحية أخرى، محاولات من جبهة “البوليساريو” الانفصالية، المدعومة من الجزائر، لجذب موريتانيا إلى صفها.
في مواجهة هذا التوتر، تعتمد موريتانيا على سياسة “الحياد الإيجابي”، وهو موقف يعتبره المراقبون ميالًا إلى تعزيز علاقاتها مع المغرب، خاصة في الفترة الأخيرة التي شهدت تحسنًا في التعاون الدبلوماسي والاقتصادي والتجاري والأمني بين الرباط ونواكشوط.
ومع ذلك، لا تزال موريتانيا تحافظ على علاقاتها مع جبهة “البوليساريو” وتستقبل قياداتها على أراضيها، في محاولة لتجنب التصادم مع الجزائر.
موقف الحياد الموريتاني
أوضح الباحث الموريتاني أحمد أنداري أن سياسة الحياد التي تتبناها موريتانيا ليست جديدة، بل تعود إلى عام 1979 وتطورت مع مرور الوقت، مؤكداً أن هذا الموقف صمد أمام العديد من التحديات ويظل الأنسب لموريتانيا.
وأضاف أنداري أن هذا الحياد يعكس مصالح موريتانيا العليا، ولا يُتوقع تغييره إلا في حالة حدوث تحول كبير في السياسة الداخلية للبلاد.
العلاقات مع المغرب
من الجانب المغربي، أشار محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن موقف موريتانيا من النزاع حول الصحراء تحكمه اعتبارات تاريخية وجغرافية، وأن البلد يحاول النأي بنفسه عن النزاع لضمان استقراره.
وأوضح الزهراوي أن الجغرافيا السياسية لموريتانيا تجعلها تتمسك بالحياد بين المغرب والجزائر، فيما يشكل الوضع الداخلي الموريتاني والتنافس الإقليمي سببًا رئيسيًا في هذا التوازن.
وأكد الزهراوي أن الاصطفاف الطبيعي لموريتانيا يجب أن يكون مع المغرب، نظرًا للعلاقات العسكرية والاقتصادية الوثيقة بين البلدين.
التوازن بين المغرب والجزائر
من جهته، أشار حسن بلوان، أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن موريتانيا تحاول منذ عقود تحقيق توازن بين مصالحها مع المغرب وضغوط الجزائر وجبهة “البوليساريو”. وأضاف أن الدينامية الدولية والإقليمية تدفع نحو موقف أكثر وضوحًا من موريتانيا لصالح السيادة المغربية.
وأكد بلوان أن انخراط موريتانيا في دعم حل النزاع بما يتماشى مع المصالح المغربية يمثل مسارًا مناسبًا لنواكشوط في ظل التغيرات الحالية في البلاد.
المصدر : فاس نيوز ميديا