من المؤسف أن نجد أن العديد من التنظيمات الحزبية اليوم تعاني من التراجع والضعف، بسبب تحكّم المصالح الشخصية والممارسات الفاسدة في سير العمل الحزبي. عندما يتغلغل هذا النوع من المصالح في القيادة، يتحوّل التنظيم من أداة لخدمة المجتمع إلى وسيلة لتحقيق أهداف فردية، مما يؤدي إلى إضعاف الكيان السياسي بشكل جذري وتهميش الكفاءات القادرة على إحداث التغيير الإيجابي.
المصالح الشخصية والمفسدة: عوائق أمام تقدم التنظيمات
في كثير من الحالات، تصبح المصالح الشخصية أولوية لدى بعض القادة على حساب أهداف الحزب وتطلعات أعضائه. هذه المصالح قد تتضمن السعي وراء المناصب، النفوذ، أو المكاسب المالية، وتأتي على حساب مصلحة التنظيم وقيمه الأساسية. مع مرور الوقت، يؤدي هذا السلوك إلى فقدان التنظيم لثقة أعضائه وقواعده الشعبية، حيث يشعر الأعضاء بأن الحزب لم يعد يمثلهم بل أصبح أداة لخدمة أهداف ضيقة وفردية.
تهميش الكفاءات: خسارة للقدرات البشرية والمستقبلية
عندما يتم تجاهل الكفاءات داخل التنظيم لصالح تحقيق مصالح شخصية، يصبح التنظيم عاجزًا عن الاستفادة من موارده البشرية. تهميش الأفراد الأكفاء يؤدي إلى هجرة العقول، حيث يبحث هؤلاء الأفراد عن بيئات أكثر ملاءمة لنموهم وتطورهم. وهكذا، يخسر التنظيم طاقات حيوية كان بإمكانها الإسهام بشكل فعال في تعزيز الحزب وتحقيق أهدافه.
النتيجة الحتمية: ضياع التنظيم وتراجع دوره
في النهاية، فإن هيمنة المصالح الشخصية والممارسات الفاسدة تؤدي حتمًا إلى تراجع التنظيم وتضاؤل دوره في المجتمع. التنظيمات السياسية وُجدت لتكون جسورًا بين القادة والمجتمع، ولتعكس تطلعات المواطنين وتلبي احتياجاتهم. ولكن عندما تصبح المصالح الشخصية هي المحرك الأساسي، يتحوّل التنظيم إلى كيان هش وغير قادر على التأثير.
نحو إعادة بناء التنظيمات الحزبية
إن إعادة بناء التنظيمات الحزبية على أسس من النزاهة والشفافية تتطلب مكافحة المصالح الشخصية والسعي إلى تعزيز القيم الأخلاقية داخل القيادة. فتح المجال أمام الكفاءات للمشاركة الفعالة يعزز من قوة التنظيم ويعيد له مكانته في المجتمع. يجب أن يكون التمثيل الحقيقي للمجتمع والعمل من أجل مصلحته هما الهدف الأساسي لكل حزب يسعى للتغيير.
بإعادة التركيز على مصلحة المجتمع وتطبيق الديمقراطية التشاركية، يمكن استعادة ثقة الأعضاء وتفعيل دور التنظيمات بشكل أفضل. فالقيادة ليست غاية، بل وسيلة لتحقيق رفاهية المجتمع وخدمة الأهداف العامة.