بقلم أحمد النميطة البقالي، باحث في مجال حماية حقوق الإنسان الرقمية
في عصرنا الحالي، أصبحت خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا الرقمية، فهي تتحكم في نوعية المعلومات التي نراها وتؤثر بشكل مباشر على آرائنا ومعتقداتنا. بدأت هذه الخوارزميات تأخذ طابعاً مختلفاً منذ إطلاق فيسبوك لخلاصات الأخبار المخصصة في عام 2009، ومع مرور الوقت، أصبحت تشكل تحدياً حقيقياً لحقوق الإنسان الرقمية.
أحد أهم القضايا التي تثيرها الخوارزميات هي حرية التعبير. في حين أن بعض الدول تتخذ خطوات لتنظيم هذه الخوارزميات للحد من انتشار المحتوى الضار والمعلومات المضللة، إلا أن ذلك يثير المخاوف حول التوازن بين الحفاظ على حقوق الإنسان الرقمية والسيطرة الاجتماعية. على سبيل المثال، تسعى القوانين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبرازيل إلى فرض ضوابط جديدة على المحتوى، ولكن هل تؤدي هذه الإجراءات إلى حماية المستخدمين أم إلى تقييد حرية التعبير؟
من زاوية أخرى، تلعب الخوارزميات دوراً في تشكيل الخطاب العام من خلال تعزيز المحتوى الذي يثير التفاعل العاطفي، مما يؤدي إلى ظهور آراء متطرفة ويطمس الأصوات المعتدلة. وهذا قد يتعارض مع الحق في الحصول على معلومات متوازنة وموضوعية. إن فكرة “سوق الأفكار”، التي يفترض أن تسمح بتنافس جميع الآراء بحرية، أصبحت أكثر تعقيداً في ظل تأثير الخوارزميات التي تتحكم في من يسمع ومن لا يُسمع.
ومع ازدياد قوة هذه الخوارزميات، يصبح من الضروري البحث عن وسائل تضمن أن حرية التعبير لا تتعرض للانتهاك، وأن المستخدمين يتمتعون بالقدرة على التحكم في المحتوى الذي يتعرضون له. يجب على الحكومات وشركات التكنولوجيا التعاون لوضع إطار يحمي حقوق الإنسان الرقمية، ويسمح بتوفير بيئة رقمية آمنة ومتوازنة للجميع.
إن التحدي اليوم يكمن في إيجاد هذا التوازن الدقيق، بحيث يتم احترام حرية التعبير وفي الوقت نفسه يتم حماية المستخدمين من التأثيرات السلبية للخوارزميات. كباحثين في مجال حماية حقوق الإنسان الرقمية، تقع على عاتقنا مسؤولية الدعوة لتطبيق سياسات أكثر شفافية وشمولية لضمان أن يكون للإنترنت دور إيجابي في حياتنا، بعيداً عن السيطرة والرقابة المفرطة.