في جلسة حافلة بالنقاشات داخل قبة البرلمان، ألقت السيدة نبيلة منيب مداخلة استثنائية أثارت جدلًا واسعًا بين النواب. استهلت منيب كلمتها بالإشارة إلى ضرورة الالتزام بضوابط تسيير الجلسات واحترام الأعراف البرلمانية، مؤكدة أن مؤسسة البرلمان يجب أن تكون نموذجًا في الديمقراطية واحترام الآراء المختلفة، بعيدًا عن أي تصرفات تمس كرامة النواب أو تتجاوز حدود اللياقة.
وانتقدت منيب بشدة سلوكيات بعض النواب الذين يلجؤون إلى مقاطعة زملائهم أو التقليل من شأنهم، مشددة على أن الاحترام المتبادل هو أساس العمل البرلماني السليم. واعتبرت أن تجاوزات من هذا النوع تعكس انحرافًا عن الدور الأساسي للمجلس، الذي يتمثل في مناقشة القضايا الجوهرية التي تهم المواطنين بكل مسؤولية وجدية.
وفي معرض حديثها عن مشروع قانون المالية، سلطت منيب الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه الميزانية العامة للدولة، مشيرة إلى أن الحاجيات الإجمالية لتمويلها بلغت 188.5 مليار درهم. وحذرت منيب من استمرار اعتماد الدولة على الاقتراض والتمويلات المبتكرة، التي اعتبرتها تهديدًا مباشرًا للسيادة المالية للبلاد، مؤكدة أن المرحلة الراهنة تتطلب سياسة مالية تعتمد على ترشيد النفقات وتوجيهها نحو القطاعات الأكثر أولوية.
وأشارت منيب إلى أن الفساد المستشري في بعض القطاعات يكلف الاقتصاد الوطني حوالي 10% من الناتج الداخلي الخام، داعية إلى اتخاذ خطوات حاسمة لمحاربته، باعتباره عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق التنمية المنشودة. واعتبرت أن بناء دولة اجتماعية قوية يبدأ بدعم المدرسة العمومية المجانية، باعتبارها القاعدة الأساسية لإعداد أطر مؤهلة قادرة على النهوض بالبلاد.
وفيما يتعلق بقطاع الصحة، عبرت منيب عن رفضها لما وصفته بتفكيك الخدمات العمومية، ودعت إلى تبني نظام شامل للحماية الاجتماعية يمول من الضرائب، كبديل مستدام يخفف الأعباء عن الفئات الهشة. وأكدت أن أي إصلاح اجتماعي حقيقي لا يمكن أن يتحقق دون معالجة جذور المشكلات، التي تبدأ بالعدالة الضريبية وضمان توزيع عادل للموارد.
على صعيد التنمية الاقتصادية، رحبت منيب بجذب الاستثمارات الأجنبية، لكنها شددت على ضرورة أن تكون هذه الاستثمارات موجهة نحو خلق اقتصاد منتج يولد موارد جديدة ويعزز الاستقلالية الاقتصادية للمغرب. كما أشارت إلى الفرص المتاحة في الصناعات المعدنية واستغلال الثروات الطبيعية، مثل الغاز والمعادن، التي يمكن أن تكون رافعة أساسية للتنمية.
واختتمت منيب مداخلتها بالتحذير من استمرار تهديد الأمن الاستراتيجي للبلاد في ظل غياب سياسات مالية واقتصادية متوازنة، مؤكدة أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب توازنًا حقيقيًا بين السياسات الاجتماعية والاقتصادية، مع تعزيز استقلالية القرار الوطني. مداخلة نبيلة منيب كانت بمثابة دعوة صريحة إلى إعادة النظر في أولويات التدبير المالي للدولة، بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن بعيدًا عن أي حسابات سياسية ضيقة.
المصدر: فاس نيوز