في خطوة هامة نحو تعزيز الرعاية الصحية النفسية للأطفال والشباب في المغرب، استعرض وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، في الدورة الوطنية لبرلمان الطفل التي انعقدت أمس 20 نونبر، المبادرات الحكومية والبرامج المبتكرة التي تهدف إلى تذليل التحديات النفسية التي تواجه الأجيال الشابة، خاصة في المناطق القروية والنائية.
تطرق الوزير إلى التحديات العميقة التي تواجه نظام الصحة النفسية في البلاد، بما في ذلك التكلفة الاقتصادية والاجتماعية المرتفعة، والوصم الاجتماعي المرتبط بالمرض النفسي، إضافة إلى نقص الموارد البشرية في القطاع الصحي. وأكد أن الوزارة، رغم هذه الصعوبات، قد شرعت في تنفيذ مجموعة من التدابير الملموسة لتحسين الوصول إلى العلاج النفسي.
أحد أبرز هذه التدابير هو تعزيز خدمات الطب النفسي في المستشفيات العامة، من خلال زيادة عدد أسِرّة الطب النفسي المدمجة، والتي شهدت تطوراً ملحوظاً، حيث تم إحداث أكثر من 20 مصلحة علاج نفسي جديدة في المستشفيات العامة، ويُنتظر تغطية باقي التراب الوطني في المستقبل القريب. وتعد هذه الخطوة إحدى أبرز الاستراتيجيات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية لتوفير خدمات الرعاية النفسية في متناول الجميع.
وفي إطار مشروع طموح لدعم الصحة النفسية، الذي تشرف عليه وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، أبرز التهراوي الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في تقديم الحلول المستدامة، مثل برنامج الوحدات الصحية المتنقلة المتطورة، المجهزة بتقنيات الاتصال عن بعد. هذا المشروع يعد تحولا كبيرا في الطريقة التي يتم بها تقديم الرعاية الصحية، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى البنية التحتية الضرورية.
وأكد التهراوي على أهمية تعزيز خدمات الطب عن بعد في مجال الصحة النفسية، التي أصبحت اليوم حلاً حيوياً لسد النقص في الأطباء المختصين، وتخفيف الضغط على المؤسسات الصحية، فضلاً عن تقليص فاتورة الإنفاق الصحي على المواطنين. حيث بات بإمكان المرضى الوصول إلى استشارات نفسية عبر منصات رقمية متاحة على الهواتف المحمولة، مما يسهم في تقديم دعم نفسي متخصص في أي وقت وأي مكان.
كما سلط الوزير الضوء على المبادرة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية المدرسية، التي أُطلقت بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. تهدف هذه المبادرة إلى تحسين الوعي بالصحة النفسية بين التلاميذ والطاقم التعليمي، من خلال برامج توعية داخل المدارس، وجلسات للتوجيه النفسي تساعد الطلاب على مواجهة التحديات النفسية التي قد يواجهونها في مراحلهم الدراسية.
وفي ختام مداخلته، أشاد الوزير بالدور الحيوي الذي تلعبه الجمعيات والمجتمع المدني في تقديم برامج توعية وعلاجية للأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية، خصوصاً في الظروف الصعبة. وأكد أن التعاون بين المؤسسات الحكومية والجمعيات سيكون له الأثر البالغ في توفير الدعم النفسي الميداني للأطفال في حاجة ماسة إليه.
وتعد هذه المبادرات خطوة هامة نحو توفير رعاية صحية نفسية شاملة ومستدامة، تستهدف الأطفال والشباب في كافة أنحاء المغرب، وتهدف إلى تفعيل دور التوعية والعلاج النفسي في بناء مجتمع صحي نفسياً ومستقر.
المصدر: فاس نيوز