بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي يُحتفل به في 03 دجنبر من كل عام، تجدد وزارة الصحة والحماية الاجتماعية التزامها العميق بالنهوض بحقوق هذه الفئة المجتمعية، والعمل على ضمان تمتعها بكافة حقوقها الأساسية التي تضمن لها العيش الكريم والمساهمة الفعّالة في تنمية بلادنا. هذا اليوم لا يعد فقط مناسبة للتذكير بالإنجازات التي تحققت على مستوى إدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بل يشكل أيضًا فرصة لتسليط الضوء على التحديات التي لا زالوا يواجهونها، والعمل الجماعي المطلوب لتحقيق المزيد من التقدم.
كما أن جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، كان دائمًا في طليعة القادة الذين يولون اهتمامًا خاصًا لهذه الفئة، حيث وجه عدة رسائل هامة تشجع على إدماجهم الاجتماعي والمهني، وتوفير سبل العيش الكريم لهم. وقد تجسد هذا الاهتمام في استراتيجيات وطنية تنفذها الحكومة ووزارة الصحة للحفاظ على حقوق هذه الفئة وحمايتها، وضمان وصولها إلى الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية اللازمة.
وفي هذا السياق، تعتبر منظمة الصحة العالمية أن الإعاقة ليست مجرد قضية صحية، بل هي أيضًا قضية حقوقية تنطوي على ضرورة الاهتمام بالجانب التنموي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وعلى الصعيد الوطني، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب تقدر بـ 4.1% من إجمالي السكان، ما يعادل نحو 1.35 مليون شخص، وهو ما يستدعي من الجميع بذل المزيد من الجهود لتحسين وضعهم المعيشي والصحي.
و يعد المغرب من الدول التي حققت خطوات هامة في مجال رعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بفضل التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني. فقد تمكنت البلاد من بناء شبكة واسعة من المراكز الصحية التي تقدم خدمات التأهيل والرعاية الطبية المتخصصة، بالإضافة إلى تأسيس برامج صحية تهدف إلى الوقاية من الإعاقة، مثل حملات التلقيح وتقديم المكملات الغذائية للنساء الحوامل والأطفال.
كما أن هناك تعزيزًا مستمرًا للبنية التحتية المتخصصة في التأهيل، حيث تم إنشاء مراكز جهوية متخصصة في تركيب الأطراف الاصطناعية، فضلاً عن توفير خدمات الترويض الطبي والعلاج الطبيعي. وعلى الرغم من هذه الإنجازات، إلا أن التحديات لا زالت قائمة، ومنها نقص المهنيين المتخصصين في بعض المجالات الصحية، فضلاً عن ضرورة تحسين التكوين الطبي في مجال الإعاقة.
و قد عملت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على وضع استراتيجية شاملة لتحسين الرعاية الصحية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تم تطوير العديد من الإجراءات لتوسيع التغطية الصحية لهذه الفئة، ومراجعة الأنظمة الحالية لتسهيل استفادتهم من الخدمات الصحية المتاحة. بالإضافة إلى ذلك، تم إدماج خدمات التأهيل الوظيفي في مؤسسات العلاجات والصحة الأساسية، بما يضمن حصولهم على رعاية طبية شاملة تتناسب مع احتياجاتهم الخاصة.
كما تركز الاستراتيجية على تحسين الوصول إلى العلاجات الطبية والتأهيل الوظيفي، وتوسيع سلة الخدمات الصحية التي تشمل العلاجات الخاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن تعزيز التدريب والتكوين المستمر للممارسين الصحيين في هذا المجال.
اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة ليس مجرد ذكرى، بل هو فرصة لتأكيد التزامنا جميعًا بإنشاء مجتمع أكثر شمولاً، حيث يتمتع كل فرد بالفرص والحقوق نفسها، بغض النظر عن ظروفه الصحية. من خلال تعزيز الوعي الصحي، وتقديم الدعم اللازم، يمكننا تحقيق مجتمع يوفر للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الظروف المناسبة للتفاعل بشكل إيجابي وفعال مع محيطهم، مما يساهم في رفع جودة حياتهم.
إن الجهود التي تبذلها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بتوجيهات ملكية سامية، تجعلنا نخطو خطوات ثابتة نحو ضمان حياة أفضل لهذه الفئة المجتمعية، التي هي جزء لا يتجزأ من نسيجنا الاجتماعي. ولذا، فإن تعزيز الوعي المجتمعي وتكثيف التعاون بين مختلف الفاعلين، من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني، يمثل السبيل الأمثل لتحقيق هذه الرؤية.
المصدر : فاس نيوز