في الجلسة العمومية التي خصصت للقراءة الثانية لمشروع قانون المالية لعام 2025، ألقى فريق المعارضة الاتحادية ممثلاً بالسيدة سلوى الدمناتي، كلمة حاسمة، حيث عبرت عن رفض الفريق الاشتراكي القوي للمشروع، مشيرة إلى ما اعتبرته اختلالات خطيرة في التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية، والتي تتكرر مع كل مشروع قانون مالي تقدمه الحكومة.
وقد بدأت السيدة الدمناتي كلمتها بالتأكيد على موقف الفريق الاشتراكي الثابت من الحكومة، مبينةً أن فريقها كان قد صوّت مع ميزانية البرلمان على اعتبار أن هذه المؤسسة تمثل مكونًا أساسيًا في الحياة الدستورية للبلاد، لكن هذه المشاركة لا تعني أن الفريق سيتنازل عن موقفه الرافض للمشروع الحالي. وقالت في هذا السياق: “لن نصوت أو صوتنا ضد هذا المشروع لأنه يعكس استمرار الحكومة في اختلال التوازن المؤسساتي، حيث تستمر السلطة التنفيذية في فرض هيمنتها على باقي السلط، ما يضر بالعملية الديمقراطية ويضعف دور البرلمان في مراقبة الحكومة”.
السيدة الدمناتي لم تكتفِ بتوجيه الانتقاد للمسائل الهيكلية في المشروع، بل انتقدت أيضًا غياب التدابير العملية التي يمكن أن تحسن الأوضاع الاجتماعية في البلاد. وأشارت إلى أن الحكومة فشلت في تنفيذ تعهداتها التي كانت قد أعلنت عنها في البرنامج الحكومي، مشيرةً إلى أن الحكومة لم تتخذ أي خطوات ملموسة لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، في الوقت الذي يعيش فيه المغاربة أزمة غلاء فاحش على مستوى السلع الأساسية مثل الخضر والفواكه واللحوم. وأضافت في هذا السياق: “الغلاء مازال مستمرًا، وسوق المحروقات يشهد استغلالًا واضحًا، بينما لا تُتخذ أي إجراءات حقيقية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين”.
كما نددت السيدة الدمناتي بما وصفته بـ “التجاهل التام” للنموذج التنموي الجديد الذي كان من المفترض أن يكون مرشدًا لحكومة عزيز أخنوش في صياغة الميزانية، خاصة في ما يتعلق بتحقيق نسبة نمو تصل إلى 7% وهو الهدف الذي كان قد تم تحديده في خطابات صاحب الجلالة. وأكدت أن الحكومة أظهرت عجزًا واضحًا عن تنفيذ هذه التوصيات، مما يعكس فشلًا في تطبيق السياسات التنموية.
وأوضحت السيدة سلوى الدمناتي أن المشروع لم يتضمن أي تدابير حقيقية لدعم الطبقات الاجتماعية المتضررة، أو لتمويل المشاريع الكبرى مثل ورش الحماية الاجتماعية التي تتطلب موازنات ضخمة، مشيرةً إلى أن الحكومة قد خصصت ميزانيات غير كافية لدعم المناطق الجهوية التي تعاني من تهميش متزايد.
وفي جانب آخر، تحدثت السيدة الدمناتي عن ارتفاع معدل البطالة، خصوصًا في صفوف الشباب والنساء، حيث بلغ الرقم القياسي للبطالة في عهد هذه الحكومة 13.7%. وقالت: “الحكومة هي الأكثر إنتاجًا للبطالة والأضعف في توفير فرص العمل، خاصة في المناطق القروية التي يعاني سكانها من نقص في فرص التشغيل”.
كما نبهت الدمناتي إلى المخاطر الكبيرة التي يمثلها الاستمرار في التوجهات الاقتصادية الحالية، مشيرة إلى أن المشروع لا يركز على تعزيز العدالة المجالية بين الجهات والمناطق، وهو ما يزيد من معاناة السكان في المناطق النائية مثل كلميم وواد نون وبني ملال. وأضافت قائلة: “لا يمكن قبول أن يكون هذا المشروع الذي يُفترض أن يخدم الجميع، سببًا في تعزيز الفوارق بين الأغنياء والفقراء، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تعزيز العدالة الاجتماعية”.
وفي ختام كلمتها، أكدت السيدة سلوى الدمناتي أن فريق المعارضة الاتحادية سيواصل الوقوف في وجه هذه السياسات، حيث لن يتراجع عن موقفه الرافض لهذا المشروع الذي يعكس، بحسب قولها، فشلًا حكوميًا في تلبية تطلعات المواطنين. وقالت: “لقد صوتنا ضد هذا المشروع لأنه يكرس استمرار تدهور الوضع الاجتماعي في البلاد، ويظهر أن الحكومة لم تلتزم بأي من تعهداتها، ولا يوجد فيه ما يعكس طفرات إيجابية من شأنها أن تحسن حياة المواطنين”.
المصدر : فاس نيوز