محمد عبابو يفسر أهمية تجديد المنهجية السوسيولوجية لتجاوز ثنائية التقليد والحداثة في إطار فعاليات مختبر السوسيولوجيا والسيكولوجيا

في إطار الأنشطة الأكاديمية التي نظمها مختبر السوسيولوجيا والسيكولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، قدم الأستاذ محمد عبابو، مداخلة متميزة يوم أمس 12 دجنبر 2024، تناول خلالها موضوعًا بالغ الأهمية يتعلق بتجديد المنهجية السوسيولوجية لتجاوز الثنائيات التقليدية في الفكر السوسيولوجي، مثل ثنائية “التقليد والحداثة”. هذه الثنائية، التي هيمنت على الدراسات السوسيولوجية في العالم العربي لعقود، تُختزل فيها المجتمعات العربية والإسلامية في قالب تقليدي بعيد عن الحداثة، مما أثر بشكل كبير على طريقة فهم المجتمعات ومشاكلها. ومن هنا، أكد عبابو في كلمته على أن الوقت قد حان لتجاوز هذه النظرة الأحادية نحو تفكير أكثر انفتاحًا ومرونة، يعكس التنوع المجتمعي والمعرفي.

وفي هذا السياق، شدد عبابو على ضرورة إعادة قراءة التراث السوسيولوجي العربي والمغربي، معتبرا أن الفهم الصحيح لهذا التراث لا يكون من خلال إعادة إنتاجه، بل من خلال تجديده بما يتلاءم مع التحولات المجتمعية الحالية. فقد أشار إلى أن الأسس التي وضعها بول باسكون في بداية انطلاق السوسيولوجيا المغربية لا تزال تشكل حجر الزاوية، حيث اعتمد باسكون على المنهج الميداني والتحقيق الميداني كأداة أساسية لاختبار الفرضيات العلمية. وبحسب عبابو، يعتبر الميدان، بما يحمله من تجارب حية، هو المجال الذي يبني عليه الباحث معرفته العلمية، مما يجعل من العمل الميداني حجر الزاوية في أي دراسة سوسيولوجية.

وفي حديثه عن المنهجية السوسيولوجية، أشار عبابو إلى أهمية تجاوز الثنائية الموروثة التي كانت تقسم المجتمعات العربية إلى تقليدية وأخرى حديثة، وهو ما يحد من قدرة السوسيولوجيا على فهم واقع هذه المجتمعات وتطوراتها. وأوضح أن السوسيولوجيا المعاصرة بحاجة إلى تفكير أكثر استقلالية، يتجاوز التصورات النمطية التي تصف المجتمعات العربية بأنها “متخلفة” أو “غير قادرة على التكيف مع الحداثة”. وتبقى هذه الرؤية المحدودة عائقًا أمام تطوير الفهم العلمي للواقع الاجتماعي في المنطقة.

كما تحدث عبابو عن أهمية المنهج الإثنوغرافي، الذي يسعى إلى دراسة الحياة اليومية للأفراد من خلال التفاعل المباشر مع الواقع. وهو منهج يسهم بشكل كبير في تعميق الفهم للأنماط الاجتماعية والثقافية التي تشكل المجتمع. واعتبر أن هذا المنهج هو الأداة الأكثر فعالية لفهم الظواهر الاجتماعية في عمقها، بعيدًا عن التصورات المسبقة أو التفسيرات السطحية.

خلال مداخلته، شدد عبابو على أن تجديد المنهجية السوسيولوجية لا يتعلق فقط بتطوير أدوات البحث، بل هو ضرورة علمية لتقديم حلول واقعية للمشكلات الاجتماعية التي تواجهها المجتمعات العربية. وأكد أن المعرفة السوسيولوجية يجب أن تظل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالواقع الاجتماعي، وأن الباحثين ينبغي عليهم النظر إلى ميدانهم كحقل حيوي وخصب يتيح لهم صياغة فرضيات علمية جديدة تسهم في فهم أعمق للتحديات المجتمعية.

المصدر: فاس نيوز