خلال الجلسة العمومية بمجلس النواب، ألقت السيدة زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، مداخلة مهمة تناولت فيها بالتحليل والتقييم الأعمال التقنية التي أنجزتها الجماعات الترابية خلال الفترة الممتدة بين 2019 و2023. وأكدت العدوي أن هذه الفترة شهدت تنفيذ 87 دراسة تقنية، بتكلفة إجمالية بلغت 1.667 مليون درهم، تم تمويلها عبر 394 صفقة عمومية و435 مليون درهم من سندات الطلب. وقد شملت هذه الدراسات مجالات متنوعة، من أبرزها الطرق بنسبة 32%، التأهيل الحضري بنسبة 22%، والبنايات بنسبة 17%.
رغم الأرقام الدالة على حجم الاستثمارات، كشفت العدوي عن مجموعة من الاختلالات التي شابت هذه الدراسات التقنية. ومن بين هذه الاختلالات، عدم الدقة في تحديد المشاريع ومكوناتها وكلفتها التقديرية قبل إطلاق طلبات العروض. كما أشارت إلى نقائص في عملية اختيار مكاتب الدراسات، حيث لوحظ اعتماد معايير غير موضوعية أضعفت مبدأ المنافسة الشفافة، مثل اشتراط تقديم شهادات لا علاقة لها بموضوع الدراسات. وأبرزت أن 7% فقط من مكاتب الدراسات استفادت من 34% من الصفقات العمومية، مما يشير إلى تركيز كبير في توزيع الطلبات.
كما أكدت العدوي على غياب تتبع فعال لأشغال المشاريع الناتجة عن الدراسات المنجزة، حيث لم تُخصص آجال مناسبة لإنجازها ولم تُحدد مخرجاتها بدقة. وأشارت إلى تفاوت كبير بين الجهات في نسب المشاريع المنفذة أو قيد التنفيذ، إذ تراوحت هذه النسب بين 54% و92% في بعض الجهات، بينما لم تتجاوز 44% في جهات أخرى. كما ذكرت أن بعض الدراسات، التي تجاوزت كلفتها 104 مليون درهم، لم تُثمر أي مشاريع على أرض الواقع.
وفي سياق تحسين تدبير الطلبات العمومية واستغلال الموارد بشكل أمثل، قدمت العدوي مجموعة من التوصيات، من بينها تعزيز الموارد البشرية خاصة في الجماعات القروية، واعتماد معايير موضوعية لضمان اختيار العروض الأفضل تقنيًا واقتصاديًا، وتحديد دقيق لمخرجات الدراسات التقنية بما يتلاءم مع موضوعها.
أوضحت العدوي أن المجلس الأعلى للحسابات يحرص على متابعة تنفيذ توصياته لضمان تحقيق أثر إيجابي ومستدام. وأشارت إلى أن 44% من التوصيات الصادرة عن المجلس تم تنفيذها كليًا، و37% منها نفذت جزئيًا، في حين بقيت 19% دون تنفيذ بسبب تحديات تتعلق بتنسيق الجهود بين الأجهزة العمومية، وحاجة بعض التوصيات إلى نصوص تشريعية أو موارد مالية وبشرية إضافية.
في ختام مداخلتها، شددت العدوي على أهمية تعزيز الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام، مؤكدة أن المجلس الأعلى للحسابات سيواصل دوره الرقابي لضمان استفادة المواطنين والمستثمرين من الموارد العمومية بشكل أمثل.
المصدر : فاس نيوز