عاينت جريدة “فاس نيوز” السبت الماضي إعادة افتتاح المقهى الثقافي بمدينة فاس، في إطار مبادرة ترمي إلى تعزيز الحراك الثقافي والفني. وقد أصبح هذا الفضاء ملتقى مفتوحًا للقراء والمبدعين والموسيقيين، يتيح لهم ممارسة أنشطتهم والتفاعل في أجواء تحفّز على الإبداع وتبادل الأفكار.
في تصريحها لـ جريدة فاس نيوز، أكدت رئيسة الجمعية، سعيدة المسفر، أن إعادة افتتاح المقهى الثقافي يأتي بعد أربع سنوات من انطلاقته الأولى بصفة عادية، ليعود اليوم بشكل أكثر تنظيماً كجمعية تهدف إلى استقطاب الجامعيين والمهتمين بالثقافة والفن والموسيقى. وأضافت: “نسعى إلى خلق فضاء تفاعلي يتيح للزوار فرصة القراءة والاستماع إلى الموسيقى، والتفاعل مع مختلف أشكال الإبداع، سواء من خلال الندوات الفكرية أو العروض الموسيقية أو الأنشطة الثقافية الأخرى.”
وأشارت المسفر إلى أهمية المقهى كمنصة لدعم المواهب، حيث يمكن للمهتمين بالموسيقى والتأليف والمسرح الاستفادة من حصص تدريبية يؤطرها مختصون، مشددة على ضرورة إعادة إحياء ثقافة القراءة الورقية في ظل هيمنة الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على حياة الشباب.
من جانبها، أوضحت نائبة الرئيسة، زكية خاي سيدي، أن الجمعية لا تقتصر على النشاط الثقافي فحسب، بل تحمل بُعدًا اجتماعيًا وفنيًا، حيث تسعى إلى دعم الشباب الموهوبين ومساعدتهم على إبراز قدراتهم. وقالت: “المقهى الثقافي ليس مجرد مكان للقراءة، بل هو منصة تحتضن المواهب الفنية، سواء في المسرح أو الموسيقى أو الغناء. نرحب بجميع الفنانين الراغبين في التعبير عن إبداعاتهم، ونوفر لهم تأطيرًا من قبل أساتذة مختصين.”
كما شددت على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية لمدينة فاس، والتي لطالما كانت منارة للعلم والفن، مشيرة إلى أن الجمعية ستعمل على تنظيم لقاءات ثقافية وفنية بانتظام، لتشجيع التفاعل بين مختلف الفاعلين في المجال الثقافي.
أكدت المسفر أن أحد الأهداف الرئيسية للجمعية هو إعادة إحياء ثقافة القراءة التقليدية، حيث قالت: “نريد أن نعيد الثقة في الكتاب، لأن القراءة عبر الكتب الورقية توفر تجربة أعمق وأكثر ارتباطًا بالمعرفة مقارنة بالقراءة الرقمية السريعة.”
كما دعت إلى إعطاء مزيد من الوقت للتفاعل الثقافي المباشر، مشيرة إلى أن الانشغال الدائم بوسائل التواصل الاجتماعي أفقد الناس الكثير من لحظات التأمل والنقاش الفكري.
من جهته، عبّر جمال الإدريسي، المكلف بمهمة في القنصلية الشرفية لهولندا في مدينة الناظور، عن سعادته بالمشاركة في هذا اللقاء الذي جمع بين فاعلين اجتماعيين وجمعويين، مشيرًا إلى الأجواء الأخوية التي سادت اللقاء، والتي تخللتها مداخلات هامة. كما تطرق إدريسي إلى أهمية التبادل الثقافي والاجتماعي، مؤكدًا على ضرورة العمل المشترك لتنمية مدينة فاس والمناطق المجاورة. ولفت إلى النقاشات التي دارت حول أهمية برنامج التنمية في مدينة البهليل، مشيرًا إلى أن المنطقة تملك إمكانيات سياحية واعدة، خاصة فيما يتعلق بالمغارات التاريخية التي تعتبر من المعالم الفريدة على الصعيد الوطني.
كما أبرزت السيدة فائزة التازي، الفاعلة الجمعوية وأستاذة جامعية سابقا، في مداخلتها أهمية فاس كمهد للحضارة والتاريخ. وأكدت على فخرها بأن فاس كانت المدينة التي تضم أقدم كلية في العالم، “القرويين”، التي كانت لها دور كبير في تطوير الفكر والعلم. كما تحدثت عن ارتباط فاس بتاريخ طويل من الانفتاح الثقافي والحضاري، مشيرة إلى أن المدينة كانت ملتقى للعلماء والمفكرين، وأنها تفتخر بمساهمة فاس في تطوير العديد من المجالات، بما في ذلك التعليم والصحة والفكر الاجتماعي.
كما ركزت التازي على ضرورة الاهتمام بالمرأة وتعزيز دورها في المجتمع، مشيرة إلى أن فاس قد شهدت تاريخًا حافلًا بالمشاركات النسائية في مختلف المجالات، بدءًا من الزمن الروماني وصولًا إلى العصر الحديث. وطالبت بتوسيع دائرة الدعم للنساء في المناطق الريفية والعمل على توفير الفرص التي تعزز من قدراتهن.
بهذه المبادرة، يسعى المقهى الثقافي إلى خلق دينامية جديدة في المشهد الثقافي المحلي، وإعطاء زخم للأنشطة الفكرية والفنية التي تعكس غنى وتنوع التراث الثقافي للمدينة، في أفق أن يصبح هذا الفضاء منبرًا للحوار والتبادل المعرفي بين الأجيال.
المصدر: فاس نيوز