ارتفاع مهول في نسبة الفقر بجهة فاس مكناس يثير تساؤلات حول فعالية السياسات العمومية

كشف تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط عن معطيات صادمة بخصوص ارتفاع معدلات الفقر في المغرب، حيث انتقلت نسبة الفقر من 1.7% سنة 2019 إلى 39% سنة 2022، التقرير أشار إلى أن خمس جهات بالمملكة تجاوزت المعدل الوطني البالغ 3.9%، من بينها جهة فاس مكناس التي سجلت نسبة فقر بلغت 9%، وهو رقم يثير القلق ويطرح تساؤلات جوهرية حول نجاعة السياسات المحلية والوطنية في الحد من الفقر وتحسين ظروف العيش.

و يرجع هذا الارتفاع الحاد في نسبة الفقر، وفق التقرير، إلى مجموعة من العوامل، أبرزها التداعيات الاقتصادية السلبية لجائحة كوفيد-19، والموجة التضخمية التي شهدها الاقتصاد الوطني، إضافة إلى ظواهر اجتماعية خطيرة مثل ارتفاع معدلات الهدر المدرسي والبطالة طويلة الأمد التي تعرقل الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لآلاف الشباب في الجهة.

ورغم توفر المغرب على برامج تنموية طموحة، مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي ساهمت في التخفيف من حدة الفقر، إلا أن المؤشرات الحالية تستدعي إعادة تقييم السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، والعمل على تفعيل برامج أكثر فاعلية في محاربة الفقر، خاصة في المناطق التي تعاني من ركود اقتصادي كبير مثل جهة فاس مكناس.

و يرى مراقبون أن مدينة فاس، التي كانت في الماضي قطبًا اقتصاديًا هامًا، تعاني اليوم من تراجع حاد في الاستثمارات المحلية وجلب المشاريع التنموية، مما أدى إلى ركود اقتصادي أثّر بشكل مباشر على المستوى المعيشي للسكان. فالمدينة، التي تحتضن نسبة سكانية كبيرة، تعاني من غياب دينامية اقتصادية حقيقية مقارنة بمناطق أخرى مثل الدار البيضاء، القنيطرة، وطنجة، التي تستقطب النصيب الأكبر من الاستثمارات الوطنية والأجنبية.

و يأمل المواطنون في أن تساهم المشاريع الكبرى التي أطلقها والي جهة فاس مكناس في إحداث انتعاش اقتصادي يعيد للمدينة مكانتها، خصوصًا مع المخططات التنموية التي تستهدف تحسين البنية التحتية وتعزيز جاذبية الجهة للاستثمارات. لكن يبقى التحدي الأكبر هو مدى قدرة الفاعلين الاقتصاديين، المنتخبين، وصناع القرار على توحيد الجهود والعمل وفق رؤية مشتركة تضمن تحقيق تنمية حقيقية ومستدامة تنعكس إيجابًا على الوضع الاجتماعي لسكان الجهة.

المصدر : فاس نيوز ميديا