نظم فرع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بحمرية بمدينة مكناس، مساء يوم الجمعة 14 مارس 2025، ندوة بعنوان “مكناس إلى أين؟ واقع الصحة نموذجا”، بحضور كل من الدكتور محمد قدوري، طبيب في القطاع الخاص ومستشار جماعي، والأستاذ محمد الدحماني، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تحت إشراف الدكتورة ابتسام اليحياوي.

في مستهل اللقاء، قدم الدكتور محمد قدوري عرضًا تناول فيه مجموعة من المعطيات الخطيرة حول الوضع الصحي بمدينة مكناس، مستعرضًا التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع في المدينة.
و أوضح قدوري، وفقًا للمعطيات المحلية، أن مدينة مكناس تعاني من نقص حاد في عدد الأسرة والمرافق الصحية، فضلاً عن ضعف الكوادر الطبية العاملة في القطاع العام، ولفت إلى أن متوسط عدد السكان لكل مركز صحي يتجاوز 14,000 نسمة، في حين أن التوصيات الدولية، بما في ذلك توجيهات منظمة الصحة العالمية، تؤكد على ضرورة أن يتراوح العدد بين 5000 و10,000 نسمة للمركز الواحد، ما يبرز عجز النظام الصحي في المدينة عن تلبية احتياجات السكان.
كما أشار قدوري إلى معاناة المستشفيات من نقص حاد في عدد الأسرة، حيث يبلغ المعدل 0.8 سرير لكل 1000 نسمة في القطاع العام، وهو أقل بكثير من المعدل الذي توصي به منظمة الصحة العالمية (3 أسرة لكل 1000 نسمة)، وذكر أن هذا العجز يسبب مشاكل كبيرة، أبرزها ظاهرة افتراش المرضى للأرض في بعض المستشفيات، وخاصة مستشفى “بانيو”، الذي يفتقر أيضًا إلى قسم للإنعاش، كما قدم معطيات حول معدل شغور الأسرة في قسم التوليد بمستشفى بانيو لعام 2016، الذي تجاوز 90%، مما يعني أن عدد المرضى يتجاوز القدرة الاستيعابية للمستشفى بشكل كبير.
وعلى صعيد عدد الأطباء، أشار قدوري إلى أن المدينة تشهد تفاوتًا كبيرًا بين القطاعين العام والخاص. حيث يبلغ عدد الأطباء في القطاع الخاص 134، بينما لا يتجاوز عددهم في القطاع العام 77، رغم إضافة أطباء القوات المسلحة الملكية، وأكد أن هذه الفجوة بين القطاعين تؤثر بشكل سلبي على النظام الصحي في المدينة.
في سياق مداخلته، تناول الأستاذ محمد الدحماني تاريخ إصلاح النظام الصحي في المغرب، مشيرًا إلى مراحل الإصلاح التي مرت بها المنظومة منذ الاستقلال وحتى الوقت الراهن، كما تحدث عن برامج الإصلاح، خاصة ورش تعميم التغطية الصحية، وأوضح أن هذه البرامج لم تحقق الأهداف المرجوة بشكل كامل في بعض المناطق.
و تطرق الدحماني أيضًا إلى هيمنة القطاع الخاص على المجال الصحي، مع الإشارة إلى أن غالبية خريجي كليات الطب في المغرب يفضلون العمل في القطاع الخاص، في حين أن عددًا كبيرًا من خريجي كليات الطب في فرنسا يتجهون إلى العمل في القطاع العام. وأكد أن هذا التوجه يساهم في تفاقم المشاكل الصحية في القطاع العام ويزيد من الأعباء على المستشفيات الحكومية.
و في ختام الندوة، أشار المشاركون إلى ضرورة تعزيز القطاع الصحي في المدينة وتحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، من خلال زيادة عدد الأسرة، تحسين الظروف المعيشية للمرضى، وتوسيع نطاق التغطية الصحية للمواطنين.
المصدر : فاس نيوز ميديا