تفضل الملك محمد السادس بتعيين السيدة رحمة بورقية رئيسةً للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وذلك تقديرًا لمسارها الأكاديمي المتميز وإسهاماتها الوازنة في مجالات التعليم والبحث العلمي والتقييم التربوي.
وتُعد رحمة بورقية، المولودة بمدينة الخميسات سنة 1949، واحدةً من أبرز الأكاديميات والباحثات المغربيات في مجال علم الاجتماع والدراسات الإنسانية، حيث شغلت مناصب علمية وإدارية مرموقة، وكانت أول امرأة تترأس جامعة في المغرب، إذ تولّت رئاسة جامعة الحسن الثاني بالمحمدية. كما ساهمت في إصلاح منظومة الأسرة المغربية من خلال عضويتها في اللجنة الملكية لإصلاح مدونة الأسرة.
حصلت بورقية على الإجازة في علم الاجتماع من جامعة محمد الخامس بالرباط، ثم واصلت دراستها العليا في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، حيث عمّقت تخصصها في البحوث الاجتماعية والتنموية. عملت أستاذةً للتعليم العالي وأسهمت في تأطير أجيال من الطلبة والباحثين، إلى جانب مشاركتها في العديد من الجمعيات والهيئات الأكاديمية الوطنية والدولية.
وتولّت عدة مناصب، من بينها: أستاذة التعليم العالي، رئيسة جامعة الحسن الثاني بالمحمدية، عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنفس الجامعة سنة 2002، مديرة الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتعليم سنة 2014، ورئيسة وحدة التدريب والبحث العلمي في علم الاجتماع الريفي والتنمية بجامعة محمد الخامس بين 1997 و2001. كما شغلت عضوية اللجنة الوطنية لاعتماد وتقييم البرامج بوزارة التعليم العالي، واللجنة الاستشارية الملكية لمراجعة قانون الأحوال الشخصية، والمجلس الاستشاري لمؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية.
حصلت رحمة بورقية على عدة جوائز دولية مرموقة، من بينها جائزة مالكولم كير لأفضل دكتوراه في الدراسات المغاربية والشرق الأوسط سنة 1988، والتي تمنحها الجمعية الأمريكية للدراسات حول المغرب العربي والشرق الأوسط. كما نالت الدكتوراه الفخرية من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة، وجامعة لييج ببلجيكا، وجامعة باريس أويست نانتير لا ديفانس بفرنسا.
وعُرفت رحمة بورقية بكونها من الرائدات المغربيات اللواتي كرّسن جهودهن لتعزيز دور المرأة في المجتمع، حيث أكّدت أن النهوض بوضعية المرأة العربية مسؤولية جماعية. وسلّطت الضوء على هذه القضية في مؤلفاتها ومداخلاتها العلمية، مشدّدة على ضرورة تغيير الصورة النمطية للمرأة في العالم العربي، خاصةً في الدول النامية.
وبتعيينها في هذا المنصب، يُرتقب أن تواصل رحمة بورقية جهودها في إصلاح منظومة التربية والتكوين بالمغرب، والمساهمة في تطوير البحث العلمي وفق رؤية شمولية تستجيب للتحديات الوطنية والدولية.
ويعكس القرار الملكي بتعيين رئيستي كلٍّ من المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الحرص الملكي السامي على تمكين هاتين المؤسستين من الكفاءات والخبرات الكفيلة بمواصلة النهوض بمهامهما الدستورية، نظرًا لمركزية الصلاحيات التي خصهما بها الدستور، وللرهانات المرتبطة بهما وطنياً ودولياً. وتأتي هذه التعيينات في سياق العناية الخاصة التي ما فتئ جلالة الملك، حفظه الله، يوليها لمواصلة إصلاح المنظومة الوطنية للتربية والتكوين، باعتبارها من الأولويات الوطنية المعنية بتأهيل الرأسمال البشري، الذي يُعد الثروة الحقيقية لمواكبة النموذج التنموي الذي يقوده جلالته بكل حكمة وتبصّر، وكذا الاهتمام المولوي السامي بالنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها ثقافةً وممارسةً، وتعزيز المكاسب المشهود بها عالميًا التي حققتها بلادنا في هذا المجال.
المصدر : فاس نيوز ميديا