يشهد السوق المحلي في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار البصل، حيث بلغ ثمن الكيلوغرام الواحد 10 دراهم، ما أثار تساؤلات عديدة لدى المستهلكين حول أسباب هذا الغلاء المفاجئ، خاصة في منطقة الحاجب المعروفة بإنتاجها الوفير لهذا المنتوج. غير أن خلف هذا السعر المرتفع، تكمن سلسلة من الصعوبات التي يواجهها الفلاحون، والتي غالبًا ما تغيب عن أنظار الرأي العام.
في هذا السياق، أكد أحد الفلاحين من منطقة آيت بوبيدمان، في اتصال هاتفي بجريدة “فاس نيوز”، أن زراعة البصل تمر بمراحل دقيقة ومرهقة، تبدأ بما يُعرف بـ”التحريفة” وهي نصف بصلة تُزرع لاستخراج الزريعة، قبل أن تُغربل وتُزرع من جديد للحصول على الرؤوس النهائية للبصل. هذه العملية تتطلب عناية يدوية دقيقة، وجهدًا بشريًا كثيفًا، ومصاريف متزايدة منذ البداية.
وأشار المتحدث إلى أن الفلاح لا يتحكم في السعر النهائي للمنتوج، موضحًا أن المضاربين والوسطاء يشترون المحصول من الضيعات بأثمنة متدنية تتراوح بين 50 و80 سنتيمًا لدى الفلاحين الصغار، وما بين درهم ونصف إلى درهمين لدى الفلاحين الكبار، ليعاد تسويقه في الأسواق بأثمان تصل إلى خمسة أضعاف. هذا التفاوت الكبير لا يعكس بأي شكل من الأشكال ما يجنيه الفلاح من أرباح، بل إن الغالبية منهم يخرجون بخسائر فادحة رغم مجهودهم المضني.
وتُعد صعوبات التخزين من أبرز التحديات التي تزيد من حجم المعاناة، حيث يفتقر الفلاحون إلى بنى تحتية لوجستيكية ملائمة تحفظ جودة المنتوج. في كثير من الحالات، يؤدي التخزين العشوائي إلى تلف نصف الكمية تقريبًا، حيث أوضح المتحدث أن “من أصل 100 طن، لا يتبقى سوى 50 طناً صالحة للبيع”، وهو ما يُفاقم من الخسائر المادية، خاصة في ظل الارتفاع المتواصل لكلفة المدخلات الفلاحية.
أما بخصوص الدعم الفلاحي المخصص من طرف الدولة، فرغم وجود إعانة تُقدر بـ4000 درهم للهكتار، إلا أن الاستفادة منها تعرف تأخرًا كبيرًا يصل إلى سنة ونصف، ما يجعلها تفقد جدواها، خصوصًا وأن الفلاح يكون قد أنهى مرحلة الزراعة وواجه تكاليف الإنتاج والخسائر دون أي دعم فعلي.
وفي ختام حديثه، وجه الفلاح نداءً صريحًا إلى الجهات المسؤولة، مؤكدًا أن الفلاحين هم من يضمنون استمرارية المنتوجات الفلاحية في الأسواق، من خضر وفواكه، رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها. ودعا إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمراقبة السوق، والحد من المضاربة، والإسراع في صرف الدعم، حتى يتمكن الفلاح من مواصلة الإنتاج في ظروف تحفظ كرامته وتؤمن استقرار السوق.
المصدر: فاس نيوز