تعرضت مجموعة من المواقع الإلكترونية التابعة لقطاعات حكومية مغربية، خلال الساعات المتأخرة من مساء السبت وصباح الأحد، لسلسلة من الهجمات السيبرانية، تسببت في “تعطيل مؤقت” لبعضها و”توقف مستمر” للبعض الآخر. وشملت المواقع المتضررة، حسب ما عاينته جريدة هسبريس الإلكترونية، الموقع الرسمي للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، وموقع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بالإضافة إلى موقع مديرية الضرائب. وحتى الآن، لم يصدر أي تأكيد رسمي من الجهات الحكومية حول مصدر هذه الاختلالات التقنية الجديدة.
خبراء يشخصون الهجمات بـ “الحرمان من الخدمة الموزع” ويتهمون الجزائر
صنف حسن خرجوج، الخبير في الأمن السيبراني والنظم الرقمية، هذه الهجمات ضمن نوع “DDOS”، أي “Distributed Denial of Service”، وهو ما ترجمه إلى “هجوم الحرمان من الخدمة الموزع”. وأوضح في تصريح لهسبريس أن “الهاكرز” في هذا النوع من الاختراق “يعملون على جمع أكبر عدد من الحواسيب لمهاجمة موقع واحد في الوقت نفسه بهدف إرباك قدرته على التحمل”.
ولاحظت هسبريس استمرار عمل معظم المواقع الحكومية الرسمية باستثناء موقع وزارة الفلاحة وموقع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، مع رصد تباطؤ في أداء خوادم بعض القطاعات الأخرى. ويفسر الخبير خرجوج ذلك بأن “المواقع عند الهجوم تصبح بطيئة الخدمة أو تعرف توقفا كاملا يمنع الزوار من الدخول إليها”.
وحذر المتحدث ذاته من أن استمرار هذه الهجمات قد يضعف من تصنيف المواقع الرسمية المغربية في محركات البحث المعروفة مثل “غوغل”، مشددا على ضرورة توفر نسخ احتياطية للمواقع في مثل هذه الحالات لتجاوز آثار الهجمات.
واتهم الخبير في الأمن السيبراني والنظم الرقمية، بشكل مباشر، جهات جزائرية بالوقوف وراء هذه الهجمات، واصفا إياها بأنها “مخطط لها بعناية فائقة”. وأضاف أن “الجزائر تقوم بهجوم خطير للغاية يتعرف عليه فقط خبراء ‘الهاك’، وهو هجوم يسمى كذلك Kill Chain”، موضحا أنه “بعد كل عملية اختراق ناجحة لقواعد البيانات يتم الانتقال إلى حجب الخدمة؛ ودورها فتح مجموعة من الجبهات في وقت واحد”.
تحذيرات من استهداف الخدمات الأساسية و”ميليشيات رقمية دولية”
من جهة أخرى، حذر خبراء في مجال الأمن السيبراني من إمكانية استهداف هذه الهجمات لأوقات الذروة، مما قد يؤدي إلى إلحاق أضرار بالغة بخدمات المواطنين الأساسية. وأشاروا إلى أن “اختيار وقت متأخر يكون فيه الفريق التقني خارج الخدمة يندرج في قلب خطة محكمة”، معتبرين أن “الخطر الجزائري على المستوى السيبراني صار يشتد بعد أيام من تسريب بيانات العديد من المواطنين المغاربة”.
بدوره، أكد الطيب الهزاز، الخبير في الأمن السيبراني، تعرض مواقع رسمية مغربية لهجوم منظم، مشيرا إلى أن “الهاكرز” الجزائريين “أعطوا تعليمات لتنفيذ هجمات تستهدف توقيف خدمات مجموعة من المواقع الرسمية المغربية لمدة 15 يوما”.
وأضاف الهزاز أن الأمر “صار عبارة عن ميليشيات رقمية دولية تسخرها الجزائر للهجوم على المغرب”، مشددا على “معاينته للهجوم الذي نُفذ على بعض المواقع؛ بما فيها موقع مديرية الضرائب وموقع وزارة الفلاحة ووزارة التشغيل وموقع الوزارة المكلفة مع البرلمان ووزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان قبل أن يعود للخدمة هذا الصباح”.
وحذر الخبير من أن “الهجمات خطيرة وتحتاج يقظة من نوع مختلف؛ فمن شأنها التشويش على السيادة الرقمية لبلادنا”، متوقعا أن تكون “الحرب سيبرانية وردود الفعل من طرف الهاكرز’ المغاربة حادة بالضرورة”.
ودعا الهزاز إلى “تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين، لصد الهجمات بشكل شامل والاستعانة بـ’سيرفر’ متطور”، بالإضافة إلى “الاستفادة من خبرة الأجهزة الأمنية والعسكرية؛ لكونها تتوفر على خصوصية في التعاطي مع البيانات ومجهزة على أعلى المستويات للتعاطي مع المخاطر السيبرانية”. كما طالب بـ “جرد شامل للمواقع الإلكترونية الرسمية وتقييمها وسد جميع الثغرات التي يمكن أن تكون فيها”.
وزارة الإدماج تؤكد تعرض موقعها لهجوم وتوضح طبيعة البيانات
من جهتها، أكدت وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في توضيحات توصلت بها هسبريس، حدوث هجوم إلكتروني على موقعها المؤسساتي “MIEPEEC” ذي الطابع الإخباري، مشيرة إلى أن “جميع المعلومات المنشورة في الموقع عمومية ومتاحة للعموم”. ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كان استمرار تعطل الخدمة في الموقع مرتبطًا بالهجوم السابق أم بالهجمات التي نفذت خلال صباح الأحد (DDOS).
عن موقع: فاس نيوز