يمضي المغرب بخطى واثقة نحو تنظيم مونديال 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، وهو المشروع الذي لا يُنظر إليه فقط كحدث رياضي ضخم، بل كفرصة استراتيجية لإطلاق دينامية اقتصادية جديدة، تعتمد على الاستثمار الرياضي كرافعة للتنمية والبنية التحتية والسياحة.
وبحسب تقرير الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، فإن تنظيم نهائيات كأس العالم يحقق آثارًا اقتصادية طويلة الأمد في الدول المستضيفة، تتجاوز المداخيل المباشرة من التذاكر والبث التلفزيوني لتشمل نموًا في قطاعات البناء، السياحة، النقل، والابتكار التقني.
تحولات استراتيجية في البنية التحتية
من المنتظر أن يطلق المغرب استثمارات كبرى لتأهيل الملاعب وتوسيع شبكات النقل والفنادق، بما يتماشى مع المعايير العالمية لاستضافة الحدث. وتشير مصادر من وزارة التجهيز المغربية إلى أن مشاريع إعادة تأهيل ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء وملاعب فاس، مراكش، وأكادير تُعتبر ضمن الأولويات في مخطط 2030.
وفي السياق ذاته، ذكرت دراسة حديثة صادرة عن PwC الشرق الأوسط أن “الاستثمار في البنية التحتية الرياضية يخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة، ويسهم في رفع القيمة العقارية بالمناطق المحيطة بالملاعب والمراكز الرياضية.”
كرة القدم كقطاع واعد للاستثمار الخاص
يرى خبراء الاقتصاد الرياضي أن الاستثمار في كرة القدم لم يعد حكرًا على الدولة أو الاتحادات، بل أصبح مجالًا مفتوحًا أمام القطاع الخاص، خصوصًا من خلال الشراكات في مجالات التسويق الرياضي، الأكاديميات، والتكوين.
ويشير تقرير KPMG Sports Advisory إلى أن العائد على الاستثمار في الأكاديميات الرياضية يمكن أن يصل إلى 12% سنويًا في الدول النامية، خصوصًا حين يكون مصحوبًا بسياسات حكومية داعمة وتغطية إعلامية قوية.
السياحة الرياضية: أفق جديد للمغرب
من المرتقب أن يجذب المونديال أكثر من مليون مشجع أجنبي إلى الدول الثلاث المستضيفة، ما يفتح أمام المغرب نافذة لتعزيز مكانته كوجهة سياحية عالمية. ويقول المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) إن “السياحة الرياضية أصبحت من أسرع أنواع السياحة نموًا، وقد شكّلت في بعض الدول أكثر من 10% من إجمالي العائدات السياحية.”
وتخطط المملكة لاستثمار هذا الحدث في الترويج لمدنها التاريخية، ومؤهلاتها الثقافية والطبيعية، عبر برامج متكاملة من المكتب الوطني للسياحة.
ما بعد المونديال: إرث اقتصادي واجتماعي
المحللون يؤكدون أن نجاح المغرب في استثمار مونديال 2030 يتوقف على استدامة المشاريع واستثمارها بعد الحدث. ويقول الدكتور كريم الصالحي، الخبير في الاقتصاد الرياضي، إن “التحدي الأكبر ليس فقط في تنظيم ناجح، بل في تحويل الملاعب إلى مراكز تنشيط اقتصادي بعد البطولة، وربطها بسياسات تشغيل الشباب والتكوين الرياضي.”
ويضيف أن النموذج البريطاني والبرازيلي في استثمار ملاعب ما بعد المونديال يمكن أن يكون مصدر إلهام للمغرب، إذا ما تم اعتماد رؤية وطنية تشاركية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
المصدر : فاس نيوز ميديا