مع اقتراب موعد تنظيم كأس العالم 2030، الذي سيحتضنه المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال، يبرز ملف تأهيل وتطوير الكفاءات الوطنية في التدريب الرياضي كأحد أبرز محاور الاستعداد، ليس فقط من أجل النجاح التنظيمي، بل لضمان أداء تقني يليق بالمستوى العالمي للبطولة.
ويُعدّ تطوير قدرات المدربين المغاربة من الضرورات الملحة، بالنظر إلى التحولات الكبرى التي تعرفها كرة القدم الحديثة، والتي تتطلب فهمًا معمقًا للجوانب التقنية، التكتيكية، البدنية، والنفسية، إضافة إلى القدرة على توظيف التكنولوجيا والبيانات في تحليل الأداء، وهي مهارات باتت أساسية لدى المدربين في المنتخبات الكبرى.
وفي هذا السياق، أكدت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (FRMF) أنها باشرت سلسلة من البرامج التكوينية لفائدة المدربين المحليين، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) والاتحاد الإفريقي (CAF)، تشمل دورات للحصول على رخص التدريب (A و B و Pro)، وورشات تخصصية في مجالات تحليل الفيديو، التغذية الرياضية، والتعامل مع الفئات الصغرى.
وصرّح فوزي لقجع، رئيس الجامعة، في وقت سابق، أن “رهان المغرب في مونديال 2030 لا يقتصر على البنيات التحتية، بل يتعداه إلى بناء رأس مال بشري رياضي مؤهل”، مضيفًا أن تمكين المدرب المغربي من أدوات حديثة في التكوين سيساهم في إعداد جيل من اللاعبين قادر على المنافسة على أعلى المستويات.
من جانبها، أشار تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاء (IFFHS)، إلى أن المغرب يُعد من أكثر الدول الإفريقية تقدمًا في مجال التكوين الرياضي، لكنه لا يزال بحاجة إلى مضاعفة الاستثمارات في مجال التكوين المستمر للمدربين، وخاصة في الفئات السنية، التي تُعتبر القاعدة الأساسية لأي مشروع كروي ناجح.
ويؤكد خبراء التدريب الرياضي أن المغرب، كدولة مضيفة للمونديال، مطالب ببناء “منظومة كروية متكاملة”، تشمل المدرب، اللاعب، البنية التحتية، والمحيط التربوي والاجتماعي، وأن المدرب المحلي يجب أن يُعَدّ سفيرًا لثقافة كروية مغربية جديدة، تمزج بين الانضباط الأوروبي والإبداع الإفريقي.
وتوصي الجامعة الدولية للعلوم الرياضية (IUCS) في آخر أبحاثها، بضرورة ربط التكوين الأكاديمي بالممارسة الميدانية، واعتماد نماذج تدريب حديثة قائمة على الابتكار والتكنولوجيا، وهو ما يعمل المغرب حاليًا على إدماجه من خلال أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، ومراكز التكوين الجهوية.
في المجمل، فإن الاستثمار في تأهيل المدربين المغاربة ليس خيارًا، بل ضرورة إستراتيجية تسبق مونديال 2030، من أجل تكوين أطر قادرة على مواكبة تطورات اللعبة، وصنع فريق وطني قادر على كتابة صفحة جديدة في تاريخ الكرة العالمية.
المصدر : فاس نيوز ميديا