كيف يمكن للمغرب تعزيز دوره كمركز مالي إقليمي في إفريقيا؟

يسعى المغرب إلى تعزيز موقعه كمركز مالي إقليمي في القارة الإفريقية، مستندًا إلى حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والاستراتيجية، في ظل التنافس المتزايد بين العواصم الإفريقية الكبرى على استقطاب الاستثمارات الدولية. ومنذ إطلاق مشروع “القطب المالي للدار البيضاء” عام 2010، قطع المغرب أشواطًا مهمة جعلته يحتل المرتبة الأولى في إفريقيا حسب تقرير “المؤشر العالمي للمراكز المالية” الصادر في مارس 2025.

القطب المالي للدار البيضاء أصبح منصة مفضلة لعدد من المؤسسات المالية الدولية التي اختارته قاعدة للانطلاق نحو الأسواق الإفريقية، مستفيدة من الحوافز الضريبية والتسهيلات الإدارية التي يقدمها. ووفقًا لتقرير البنك الإفريقي للتنمية لعام 2024، فإن المغرب يمتلك بنية تحتية متطورة وشبكة نقل حديثة واستقرارًا اقتصاديًا نسبيًا، ما يشكل قاعدة صلبة لدعم طموحه الإقليمي.

القطاع البنكي المغربي يعزز بدوره هذا التوجه، حيث نجحت مؤسسات مثل التجاري وفا بنك والبنك الشعبي في بسط شبكة علاقاتها في أكثر من عشرين دولة إفريقية، مما يمنح المغرب نفوذًا ماليًا متزايدًا في القارة. كما أن الانفتاح التجاري مع الدول الإفريقية من خلال اتفاقيات التجارة الحرة، وخطط الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، يدعم جهود الرباط لتعزيز مركزها المالي.

رغم هذه المؤهلات، تواجه الدار البيضاء تحديات حقيقية، أبرزها التنافس مع مراكز مالية أخرى مثل نيروبي وجوهانسبورغ، فضلا عن الحاجة إلى تحديث الأطر القانونية والضريبية، وتسريع التحول نحو الابتكار الرقمي المالي. ويرى خبراء مؤسسة “ماكينزي” أن المغرب مطالب بمواصلة تعميق التكامل المالي مع بقية القارة، وتشجيع الاستثمارات التكنولوجية، إلى جانب تحسين بيئة الأعمال عبر إصلاحات تشريعية تواكب المعايير العالمية.

وبينما تتوقع مؤسسات مثل البنك الدولي أن تتسارع وتيرة الاستثمار الأجنبي المباشر نحو إفريقيا في السنوات القادمة، يبدو المغرب في موقع مميز للاستفادة من هذه الفرصة، شريطة مواصلة الإصلاحات وضمان استقرار بيئة الأعمال. ومع الرؤية الاقتصادية الطموحة التي تنتهجها الرباط، تبقى آفاق التحول إلى مركز مالي إفريقي رائدة وممكنة، لكن مرهونة بإرادة الإصلاح واستباق تحديات المنافسة الإقليمية والدولية.

المصدر : فاس نيوز ميديا