استراتيجيات البحث عن عمل للخريجين الجدد في المغرب

يشهد سوق العمل في المغرب تحديات كبيرة، خاصة في ظل معدلات البطالة المرتفعة بين الخريجين الجدد. وبينما يواصل الاقتصاد المغربي تناميه، لا يزال أمام الشباب فرصٌ محدودة للحصول على وظائف تتماشى مع مؤهلاتهم الأكاديمية. لذلك، يصبح البحث عن عمل مهمة معقدة تتطلب استراتيجيات متعددة وابتكار طرق جديدة لاستغلال الفرص المتاحة في سوق العمل.

تشير الإحصائيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى أن نسبة البطالة بين الخريجين الجدد تصل إلى مستويات مقلقة، حيث يعاني الكثير منهم من صعوبة في إيجاد فرص عمل تتناسب مع تخصصاتهم. وتبرز مشكلة غياب التنسيق بين التعليم وسوق العمل، حيث يُلاحظ أن العديد من الخريجين لا يمتلكون المهارات العملية التي يحتاجها أصحاب الأعمال.

من ناحية أخرى، يشير العديد من الخبراء إلى أن الخريجين الجدد يواجهون أيضًا تحديات تتعلق بمحدودية الفرص المتاحة في القطاعات التقليدية مثل الإدارة والخدمات. وفي هذا السياق، يتطلب البحث عن وظيفة استراتيجية أكثر مرونة وابتكارًا لمواكبة التحولات التي يشهدها سوق العمل.

واحدة من أكثر الاستراتيجيات فعالية في البحث عن عمل هي بناء شبكة علاقات مهنية قوية. حسب تقرير مجموعة أكسفورد للأبحاث، فإن العديد من الوظائف لا تُعلن علنًا، بل يتم شغلها عن طريق التوصيات والعلاقات الشخصية. لذلك، على الخريج الجديد أن يسعى للمشاركة في الفعاليات المهنية، مثل المؤتمرات وورش العمل، وبناء علاقات مع محترفين في المجال الذي يرغبون في العمل به.

باتت منصات التوظيف الإلكترونية، مثل LinkedIn وBayt وReKrute، جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات البحث عن عمل. هذه المواقع تتيح للخريجين الجدد الوصول إلى آلاف الوظائف المتاحة، إضافة إلى القدرة على تقديم سيرهم الذاتية مباشرة إلى أصحاب العمل. ويعتبر تحديث الملف الشخصي بانتظام وتطويره ليعكس المهارات الحالية من الأمور الأساسية التي يجب أن يوليها الخريجون أهمية كبيرة.

من الضروري أن يسعى الخريجون الجدد إلى اكتساب مهارات عملية مضافة إلى مؤهلاتهم الأكاديمية. تتطلب العديد من الوظائف في السوق المغربية مهارات تقنية أو برمجية لا تتوفر عادة في المناهج الدراسية. لذلك، يُنصح بالتسجيل في دورات تدريبية أو ورش عمل متخصصة في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات، التسويق الرقمي، والمهارات اللغوية.

أدى التحول الرقمي إلى ظهور فرص واسعة للعمل الحر، وهو ما يفتح أفقًا جديدًا أمام الخريجين الجدد. حسب منظمة العمل الدولية، فإن العمل الحر وريادة الأعمال أصبحا من الحلول الفعالة لمواجهة معدلات البطالة المرتفعة. في هذا الإطار، يمكن للخريجين الجدد بدء مشاريع صغيرة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، التصميم، أو حتى التسويق عبر الإنترنت.

من الطرق الفعالة للحصول على خبرة عملية هي المشاركة في برامج التطوع. فعلى الرغم من أن هذه الأنشطة قد لا توفر دخلًا ماديًا مباشرًا، إلا أنها تمنح الخريج الجديد الفرصة لاكتساب مهارات قيمة وبناء سيرة ذاتية قوية. كما يمكن أن تكون بوابة للحصول على فرص عمل مستقبلية، حيث يبحث العديد من أصحاب العمل عن موظفين ذوي خبرات عملية، حتى لو كانت في شكل تطوعي.

تشير التقارير العالمية إلى أن سوق العمل أصبح أكثر تطلبًا فيما يتعلق بالمهارات الشخصية مثل القدرة على التواصل والعمل الجماعي والمرونة. ويؤكد البنك الدولي أن الخريجين الجدد يجب أن يتعلموا كيفية التكيف مع هذه المتطلبات من خلال تحسين قدراتهم في حل المشكلات وإدارة الوقت.

إن استراتيجيات البحث عن عمل للخريجين الجدد في المغرب تتطلب مزيجًا من المرونة والتكيف مع التغيرات التي يشهدها سوق العمل. من خلال بناء شبكة علاقات قوية، تطوير المهارات الشخصية والفنية، وتبني روح المبادرة والريادة، يمكن للخريجين الجدد تحسين فرصهم في العثور على وظائف تتناسب مع تطلعاتهم. إذا تم تبني هذه الاستراتيجيات بشكل فعّال، فإن الخريجين الجدد قادرون على تحقيق النجاح في سوق العمل الذي أصبح أكثر تحديًا وتنافسية.

المصدر : فاس نيوز ميديا