في ظل التحولات العميقة التي يعرفها الاقتصاد المغربي، باتت المهارات التقنية تشكل عنصرًا حاسمًا في اندماج الشباب بسوق الشغل، لا سيما مع صعود قطاعات جديدة تعتمد على الرقمنة والابتكار التكنولوجي.
ويشير تقرير صادر عن البنك الدولي إلى أن المغرب، على غرار باقي دول المنطقة، مطالب بتسريع وتيرة تطوير رأس ماله البشري، مع التركيز على المهارات الرقمية والتقنية الحديثة، لمواكبة متطلبات السوق وتوجهات الاقتصاد العالمي.
وتؤكد وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات أن القطاعات الأكثر طلبًا لليد العاملة حاليًا تشمل مجالات مثل البرمجة، تحليل البيانات، الأمن السيبراني، والتجارة الإلكترونية، إلى جانب المهن المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية، وهي مجالات تتطلب كفاءات متخصصة وتكوينًا عالي الجودة.
في هذا السياق، تعمل مؤسسات التكوين المهني والجامعات المغربية على إعادة تأهيل برامجها لتشمل وحدات ذات صلة بالتقنيات الحديثة. كما أطلقت الحكومة بشراكة مع القطاع الخاص مبادرات لتكوين آلاف الشباب في مهن المستقبل، ضمن برامج مثل “فرصة” و”أوراش” ومشاريع تمكين الشباب الرقمي.
من جانب آخر، نبهت تقارير صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى وجود فجوة بين المهارات التي يكتسبها الشباب في النظام التعليمي المغربي، وتلك المطلوبة فعليًا في سوق الشغل، داعية إلى تكييف السياسات التكوينية مع التطورات التكنولوجية المتسارعة.
ويعكس هذا التوجه أيضًا ارتفاع نسبة الطلب على المهارات التقنية في عروض الشغل المنشورة عبر المنصات الرقمية الوطنية والدولية، بحسب ما أوردته دراسة حديثة أنجزتها منصة “بيت.كوم”، حيث أظهرت أن أكثر من 65% من الشركات في المغرب تبحث عن مرشحين يتوفرون على كفاءات تقنية، حتى خارج القطاعات التكنولوجية الصرفة.
ويرى عدد من الخبراء أن التمكين التقني للشباب المغربي لا يجب أن يقتصر على التكوين، بل يتطلب أيضًا خلق بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال، وتسهيل ولوج المقاولات الناشئة إلى التمويل والتأطير، ما من شأنه أن يحول المهارات التقنية إلى رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي ظل هذا الواقع، يظل الرهان الأكبر هو بناء منظومة مندمجة تجمع بين التكوين، التوجيه، والتشغيل، لمواجهة تحديات البطالة وفتح آفاق جديدة أمام جيل رقمي يطمح إلى أن يكون فاعلًا في اقتصاد المستقبل.
المصدر : فاس نيوز ميديا