اعتقال برلماني سابق ومسؤولين في ملف اختلاس وتبديد أموال عمومية بجماعة بني ملال

الدار البيضاء – أمر قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بإيداع البرلماني السابق ورئيس جماعة بني ملال الأسبق، أحمد شدا، رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن “عكاشة”، إلى جانب ثلاثة متهمين آخرين. في المقابل، قرر القاضي متابعة 12 شخصاً، من بينهم الرئيس الحالي للمجلس الجماعي لبني ملال أحمد بدرة، في حالة سراح مقابل كفالة مالية حددت في 50 مليون سنتيم.

أفادت مصادر قضائية أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية كانت قد أحالت، صباح اليوم نفسه، أحمد شدا و15 شخصاً آخرين على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الذي عرضهم بدوره على قاضي التحقيق المختص بجرائم الأموال. وأوضح المصدر أن التحقيقات تخصّ شبهة “تبديد واختلاس أموال عمومية” عبر التلاعب في الصفقات العمومية، وتفويتات عقارية مشوبة بالخروقات، إلى جانب اختلالات همت مشاريع التهيئة الحضرية، والإنارة العمومية، وتدبير قطاع النفايات، واقتناء المعدات والتجهيزات.

وقرر قاضي التحقيق أيضاً إيداع الموظف العمومي “محمد.ق”، ورجل الأعمال المغربي-الأمريكي “أحمد.ح” (صاحب شركة “إيكوميد” المكلفة بتدبير المطرح العمومي)، والمهندس “محمد.م” (صاحب مكتب للدراسات ومُتابَع سابقاً في ملف الوزير السابق محمد مبديع) رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن نفسه.

من جهتها، أمرت النيابة العامة بعقل وتجميد الأرصدة البنكية والممتلكات العقارية والمنقولة العائدة لأحمد شدا وزوجته “س.ز” وابن شقيقتها “ك.ز”، فضلاً عن حصصهم في الشركات التابعة لهم، إلى جانب تجميد ممتلكات شركة “لايف فيتنس” المسجلة ببني ملال.

وجاءت هذه الإجراءات إثر شكاية رفعتها “المنظمة المغربية لحماية المال العام” استناداً إلى تقريرٍ للمفتشية العامة للإدارة الترابية. وأكد التقرير أن الجماعة فوّتت على نفسها مداخيل تُقدّر بـ 27.9 مليون درهم بسبب عدم تحصيل الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، بعدما اقتصر الرئيس السابق على استخلاص الضرائب ممن تقدموا بإقراراتهم طوعاً من دون ملاحقة المتخلفين.

كما سجل التقرير تقاعساً في استرجاع 16 مليون درهم من شركة خاصة عقب بيع عقارين جماعيين، ما أدى إلى حجز المبلغ من طرف دائني الجماعة. وأشار إلى استغلال مقربين من الرئيس لمركب “عين أسردون” التابع للجماعة من دون أداء الرسوم الواجبة، وغياب أي إجراء لتحصيل الرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية.

وعلى مستوى الصفقات العمومية، رصد التقرير إخلالاً بمعايير التقييم؛ إذ مُنحت صفقة تهيئة شارع محمد الخامس (62.64 مليون درهم) لتجمع مقاولتين اعتماداً على “المراجع المهنية” لا المنهجية التقنية، مع إقصاء منافس قدم الوثائق المطلوبة في صفقة بناء سويقة “تامكنونت” (3.53 مليون درهم). كما سجلت خروقات في صفقتي دراسات التأهيل الحضري (19.92 مليون درهم) لصالح مكتب دراسات “مقرب” من الرئيس.

ولم يَسلم تدبير الطلبات وسندات الطلب من التجاوزات، إذ كشف التقرير عن استشارات “صورية” لتبرير عقود التوريد، وصرف نفقات خارج اختصاصات الجماعة، مثل تزويد سيارات لا تتبعها بالوقود خلال 2016-2017، وأداء واجبات كراء لإدارات أخرى بقيمة 331.902 درهم سنوياً.

أما في قطاع النظافة وتدبير المطرح العمومي، فقد تبين عدم احترام الشركة المفوّض إليها التزامات شراء آليات جديدة بقيمة 7.9 ملايين درهم، وعدم إكمال أشغال إعادة تأهيل المطرح، مع غياب أي تفعيل للجزاءات التعاقدية من قِبل الرئيس السابق، ما كبد ميزانية الجماعة خسائر إضافية.

تتواصل التحقيقات القضائية لتحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية في حق جميع المتورطين، بينما تُنتظر جلسة الاستنطاق التفصيلي أمام قاضي التحقيق خلال الأسابيع المقبلة، وسط مطالب حقوقية بمتابعة شاملة لكل المتدخلين واسترجاع الأموال العمومية المهدرة.

عن موقع: فاس نيوز