يشكل قطاع الصناعات التحويلية رافعة استراتيجية لتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد المغربي، بالنظر إلى مساهمته في تنويع النسيج الإنتاجي ورفع تنافسية الصادرات الوطنية. ويعكس تطور هذا القطاع توجها رسميا نحو التصنيع كخيار تنموي، تجسده الاستراتيجيات الحكومية المتعاقبة، من بينها مخطط التسريع الصناعي، وبرنامج الجيل الجديد من الاستراتيجيات القطاعية.
و ساهمت الصناعات التحويلية في خلق فرص شغل قارة وتثمين الموارد المحلية، من خلال تحويل المواد الأولية إلى منتجات قابلة للتسويق وطنيا ودوليا. ووفق معطيات البنك الدولي، فقد مكنت هذه الصناعات من الرفع من معدل الاندماج الصناعي في بعض القطاعات، خاصة صناعة السيارات والطيران والنسيج، وهي قطاعات تعرف نموا ملحوظا داخل منظومة الاقتصاد المغربي.
و أظهرت التقارير الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) أن المغرب بات يُصنّف ضمن الدول ذات الأداء الصناعي المتوسط المرتفع، ما يعكس دينامية ملحوظة في مجال الصناعات التحويلية، التي تزاوج بين التصنيع الموجه للتصدير والطلب المحلي. ويبرز هذا التطور بشكل خاص في منطقة القنيطرة وطنجة والدار البيضاء، التي أصبحت محاور جذب للمستثمرين الأجانب في مجال الصناعات ذات التكنولوجيا المتقدمة.
و عزّز المغرب تنافسيته الصناعية بفضل تطوير مناطق صناعية مندمجة، وتوفير بنية تحتية متطورة، وإطلاق حوافز ضريبية وتشريعية لفائدة المستثمرين. ووفق تقرير صادر عن “أوكسفورد إيكونوميكس” سنة 2024، فإن المغرب يُعد من بين الوجهات الإفريقية الواعدة في مجال التصنيع، بفضل استقراره السياسي، وموقعه الجغرافي، واتفاقياته التجارية المتنوعة.
و استفادت الصناعات التحويلية من التوجه نحو الانتقال الطاقي، حيث تم إدماج مكونات الطاقات المتجددة في بعض سلاسل الإنتاج، وهو ما يسهم في تقليص الكلفة الطاقية وتحسين شروط الاستدامة. وأكدت تقارير البنك الإفريقي للتنمية على أن المغرب يتوفر على مؤهلات صناعية تؤهله للعب دور إقليمي في سلاسل القيمة الصناعية في إفريقيا.
و واجه القطاع تحديات مرتبطة بتقلبات سلاسل التوريد العالمية وارتفاع أسعار المواد الخام، غير أن قدرته على الصمود والتكيف مكنت من الحفاظ على دينامية التصدير، خاصة نحو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وسجلت صادرات الصناعات التحويلية نموا ملحوظا بنسبة 9% سنة 2023، بحسب إحصائيات مكتب الصرف المغربي.
و يراهن المغرب على تسريع الانتقال نحو صناعات تحويلية أكثر اندماجا وابتكارا، من خلال الاستثمار في التكوين المهني والتكنولوجيات الصناعية الحديثة، مع تعزيز الشراكات الدولية، بما يسمح برفع القيمة المضافة وتعميق الأثر الاقتصادي المحلي للصناعات القائمة.
المصدر : فاس نيوز ميديا