أهمية الذكاء العاطفي في بيئة العمل المغربية ودوره في النجاح المهني

يعكس الذكاء العاطفي عنصراً محورياً في بيئة العمل المغربية، إذ يسهم في تحسين التفاعلات بين الأفراد وتعزيز مناخ مهني إيجابي ينعكس مباشرة على الإنتاجية والنجاح المهني. ويُقصد بالذكاء العاطفي القدرة على التعرف على المشاعر الذاتية وفهم مشاعر الآخرين والتعامل معها بفعالية، وهو ما بات يُنظر إليه كمهارة مهنية حاسمة إلى جانب الكفاءات التقنية.

و أظهرت دراسات دولية، من بينها تقرير صادر عن “معهد كابلان للقيادة” (Kaplan Institute for Leadership)، أن الموظفين الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من الذكاء العاطفي يميلون إلى بناء علاقات مهنية أكثر استقراراً، ويتعاملون مع ضغوط العمل بنجاعة، مما يقلل من نسب التوتر والتنازع داخل فرق العمل. وينطبق ذلك على السياق المغربي، حيث تُظهر ممارسات عدد من المقاولات الوطنية أهمية المهارات الاجتماعية في الحفاظ على الانسجام الداخلي وفعالية الأداء.

و ساهم الذكاء العاطفي في تمكين القيادات الإدارية المغربية من تعزيز أساليب التواصل الفعّال، خاصة في سياقات التغيير التنظيمي أو تدبير الأزمات. وتفيد ملاحظات ميدانية أن المدراء الذين يتقنون إدارة مشاعرهم وتحفيز فرقهم بطريقة إيجابية يحققون نتائج أفضل على مستوى التسيير واستبقاء الكفاءات.

و عززت ثقافة العمل المغربية أهمية البعد الإنساني في العلاقات المهنية، ما يجعل الذكاء العاطفي عاملاً مساعداً على فهم التفاوتات الثقافية داخل أماكن العمل والتفاعل معها بطريقة بنّاءة. وتُظهر حالات متعددة أن الفرق التي تتوفر على أفراد ذوي ذكاء عاطفي مرتفع تكون أكثر قدرة على تجاوز النزاعات وحل المشكلات بشكل تشاركي.

و اعتمدت بعض المقاولات المغربية، خاصة في قطاعات الخدمات والتكنولوجيا، برامج تدريبية موجهة لتعزيز الذكاء العاطفي داخل مؤسساتها، من خلال ورشات تهم الوعي الذاتي، والتنظيم الذاتي، والتعاطف، ومهارات التواصل. وتوصي منظمة العمل الدولية (ILO) ضمن تقاريرها السنوية بأهمية دمج الذكاء العاطفي في برامج التكوين المهني، باعتباره من مقومات تحسين جودة العمل وبيئة الإنتاج.

و يؤثر الذكاء العاطفي أيضاً على فرص الترقية داخل المقاولات المغربية، حيث باتت المهارات الناعمة، وعلى رأسها القدرة على الاستماع، وقيادة الفرق، والتفاعل البناء، معياراً إضافياً إلى جانب الخبرة والشهادات. ويُلاحظ هذا التوجه بشكل خاص في المؤسسات متعددة الجنسيات العاملة في المغرب، التي تعتمد مؤشرات سلوكية لتقييم أداء الموظفين.

و يراهن عدد من الفاعلين في مجال الموارد البشرية بالمغرب على ترسيخ الذكاء العاطفي ضمن الثقافة المؤسساتية، باعتباره أداة فعالة لتحسين الأداء الفردي والجماعي، وبوابة للنجاح المهني في بيئة عمل تتسم بتحديات متزايدة وتنوع بشري وثقافي متسارع.

المصدر : فاس نيوز ميديا