الرباط، المغرب – تحوّل حلم المغاربة بالسفر إلى أوروبا إلى كابوس حقيقي، مع الندرة “الشبه مطلقة” لمواعيد تقديم طلبات تأشيرة شنغن. ففي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات المغربية عن نجاحها في محاربة عصابات السمسرة وبرامج “البوتات” التي كانت تستغل المواعيد، تؤكد الحقائق على الأرض أن المشكلة قد تفاقمت لتلامس جوهر “حرية التنقل الإنسانية”، مع تزايد الشكوك حول وجود “عرقلة مقصودة” غير معلنة.
تفاقم الأزمة رغم القضاء على السماسرة
بعد جهود مكثفة لمكافحة المافيا الرقمية التي احتكرت مواعيد شنغن، وتطبيق أنظمة حجز ذكية، كان من المتوقع أن تعود الأمور إلى طبيعتها. لكن المفاجأة كانت صادمة: المواعيد باتت “مفقودة تماماً” في القنصليات ومراكز تقديم الطلبات (VFS Global، TLScontact، BLS International). يصف المواطنون نظام الحجز بـ”الشبح”، حيث تظهر المواعيد لدقائق معدودة ثم تختفي، أو لا تظهر على الإطلاق لأيام وأسابيع متتالية. يقول أحمد (32 عاماً) الذي يحاول زيارة عائلته في فرنسا: “أراقب الموقع طوال اليوم، وكأنني أبحث عن سراب. هذا لم يعد مشكل سماسرة، بل مواعيد يتم إخفاؤها عمداً، أو تحديد حصص ضئيلة جداً لا تكفي 1% من الطلب المتزايد”.
تساؤلات حارقة حول “العرقلة المقصودة”
إذا كان السماسرة والـ”بوتات” قد تم تحييدهم، فما هو التفسير الحقيقي وراء هذا “الجفاف” غير المسبوق في المواعيد؟ تساؤلات حارقة يطرحها الرأي العام المغربي، وتتجاوز الآن البيروقراطية لتصطدم بمبدأ الحقوق الإنسانية الأساسية:
- هل هناك تعليمات غير معلنة من بعض دول الشنغن بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة؟ هذا الافتراض يكتسب قوة في ظل القلق الأوروبي المتزايد من ملف الهجرة غير الشرعية، رغم أن التأشيرة السياحية لا علاقة لها بالهجرة غير النظامية، وهو ما يمس بشكل مباشر حرية التنقل للمواطنين الأبرياء.
- هل تعاني القنصليات الأجنبية في المغرب من نقص حاد في الموظفين يحد من قدرتها على معالجة الطلبات؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل عدم توفير الموارد الكافية لا يعتبر شكلاً من أشكال عرقلة حرية التنقل؟
- هل تُطبق “سياسات تعجيزية” جديدة للحد من تدفق المغاربة إلى أوروبا، حتى لو كان ذلك على حساب المسافرين الشرعيين من سياح ورجال أعمال وطلاب؟ هذه السياسات، إن وجدت، تضرب في الصميم مبدأ “حرية التنقل” التي هي ركيزة من ركائز حقوق الإنسان الأساسية.
مساس بالحقوق الأساسية وتداعيات على العلاقات الثنائية
هذا الوضع الكارثي لا يضر فقط بالمواطن المغربي الذي يُحرم من حقه في السفر ويُكبد خسائر مالية ومعنوية، بل يضع أيضاً علامات استفهام كبيرة حول طبيعة العلاقات الثنائية بين المغرب ودول الشنغن. فكيف يمكن تفسير هذا التضييق غير المبرر في وجه مواطنين يحترمون القوانين ويسعون للسفر لأغراض مشروعة، في حين أن حرية التنقل تعد حقاً أساسياً يكفله القانون الدولي والإنساني؟
المغاربة يطالبون بـ”الشفافية الكاملة” و”التحقيق الجدي” في أسباب هذه الأزمة التي أصبحت أشبه بـ”حائط سد غير مرئي”، يواجه طموحاتهم المشروعة في السفر، ويُهدر كرامتهم في رحلة البحث المضنية عن موعد قد لا يأتي أبداً، في انتهاك صارخ لمبدأ حرية التنقل الإنسانية التي يجب أن تكون مكفولة للجميع.
عن موقع: فاس نيوز
فاس نيوز – موقع الجهة الاخباري 24 ساعة موقع اخباري لجهة فاس مكناس منكم و اليكم ننقل الرأي و الرأي الآخر