الحرب الإسرائيلية الإيرانية تدخل يومها الرابع مع توسع نطاق الاستهداف (تقرير)

في اليوم الرابع من الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران، شهد يوم الاثنين 16 يونيو 2025 تصعيداً كبيراً في المواجهة العسكرية، حيث أطلقت إيران صواريخ باليستية في ساعات الفجر الأولى استهدفت مدينتي تل أبيب وحيفا، مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة ما يقارب 300 آخرين.

وقعت الخسائر الأكبر في مدينة بيتاح تكفا شرق تل أبيب، حيث قُتل أربعة أشخاص عندما أصاب صاروخ إيراني مبنى سكنياً، بينما لقي ثلاثة أشخاص آخرون حتفهم في حيفا، وتوفي شخص واحد في بني براك. كما تضرر جزء من مبنى فرع السفارة الأمريكية في تل أبيب بسبب موجات الانفجار، لكن لم تُسجل إصابات بين الموظفين الأمريكيين.

في تطور نوعي، أصدرت القوات الإسرائيلية لأول مرة في التاريخ أمر إخلاء لسكان طهران، مطالبة المدنيين في المنطقة الثالثة من العاصمة الإيرانية بمغادرة منازلهم فوراً قبل استهداف منشآت عسكرية تابعة للنظام الإيراني.

وبعد ساعات من التحذير، نفذت القوات الجوية الإسرائيلية غارة جوية استهدفت مبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني الحكومي في طهران، وقد وقع الهجوم بينما كانت إحدى المذيعات تقدم برنامجاً مباشراً وتنتقد إسرائيل، حيث أظهرت لقطات فيديو لحظة الانفجار أثناء البث المباشر.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت هذا الاستهداف بأنه يركز على “آلة الدعاية الإيرانية المسؤولة عن التحريض”، مضيفاً أن “بوق الدعاية والتحريض الإيراني على وشك الاختفاء”.

وتمثل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تطوراً استراتيجياً مهماً في طبيعة المواجهة، حيث لم تعد إسرائيل تكتفي بضرب المنشآت النووية والعسكرية، بل وسعت نطاق استهدافها ليشمل البنية التحتية المدنية والطاقة. فمنذ يوم الأحد، بدأت إسرائيل في استهداف منشآت معالجة المياه في شمال إيران، ومصافي النفط الرئيسية في طهران وحقل “بارس الجنوبي” الذي يُعد أكبر حقل غاز طبيعي في العالم.

كما وسعت إسرائيل ضرباتها لتشمل المطارات والمصانع ومراكز الشرطة، في ما يبدو أنه استراتيجية لإضعاف الدولة الإيرانية ككل وليس فقط قدراتها العسكرية والنووية. وقد علق ريتشارد نيفيو، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والبيت الأبيض الأمريكيين، بالقول: “يبدو الأمر وكأن هذا يهدف إلى تغيير النظام وليس مجرد تدمير البرنامج النووي”.

ويشير المحللون إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين من خلال عملية “الأسد الصاعد”: تدمير البرنامج النووي الإيراني وتشجيع الشعب الإيراني على الإطاحة بالحكومة الدينية. وقد صرح نتنياهو أن هذه العملية تهدف إلى “دحر التهديد الإيراني لبقاء إسرائيل”، محذراً من “محرقة نووية” محتملة في المستقبل.

وتأتي هذه الاستراتيجية في لحظة يعتبرها نتنياهو فرصة نادرة، حيث تضعفت قدرات إيران بعد انهيار حلفائها الرئيسيين مثل حزب الله والميليشيات المدعومة إيرانياً في سوريا والعراق. كما أن أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية باتت مكشوفة وضعيفة أمام الضربات الإسرائيلية الدقيقة.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن الصواريخ الإيرانية قتلت ما لا يقل عن 24 شخصاً في إسرائيل منذ بداية القتال يوم الجمعة الماضي، مع إصابة المئات. من جانبها، تكبدت إيران خسائر فادحة، حيث أعلنت وفاة سبعة قادة من الحرس الثوري الإيراني، بينهم قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري العميد أمير حاجي زادة.

وقد أطلقت إيران حتى الآن 370 صاروخاً باليستياً ومئات الطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل على مدار الأيام الأربعة من القتال. وتعهد الحرس الثوري الإيراني بشن “عمليات أكثر تدميراً ضد أهداف حيوية” إسرائيلية1.

وتثير هذه المواجهة مخاوف واسعة من انتشار الصراع على نطاق إقليمي أوسع، خاصة مع استهداف البنية التحتية للطاقة التي قد تؤثر على الأسواق العالمية. كما أن هذا التصعيد يقوض الجهود الدبلوماسية الأمريكية لإيجاد حل تفاوضي للأزمة النووية الإيرانية.

وتُظهر التطورات أن كلا الطرفين يتبعان خطاباً متصاعداً، حيث حذر وزير الدفاع الإسرائيلي من أن “سكان طهران سيدفعون الثمن”، بينما دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مواطنيه إلى “الوحدة” لمواجهة ما وصفه بـ”العدوان الإجرامي الإبادي.

وتُعتبر هذه المواجهة المباشرة الأولى بهذه الشدة بين البلدين العدوين بعد عقود من الحروب بالوكالة والعمليات المحدودة1، مما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط والنظام الدولي للحد من انتشار الأسلحة النووية.

عن موقع: فاس نيوز