ترامب ينجح في رسم ملامح السلام بالشرق الأوسط بعد أسبوعي حرب ساخن

شهدت منطقة الشرق الأوسط انفراجة هامة في التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نجاحه في التوسط لوقف إطلاق نار شامل بعد أسبوعين من المواجهة الساخنة. هذا التطور يأتي ليضع حداً لدوامة من الهجمات المتبادلة التي هددت بزعزعة استقرار المنطقة على نطاق واسع.
تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار والتداعيات:


موافقة إسرائيلية وإيرانية على الهدنة:


بعد 12 يوماً من القتال، أعلنت الحكومة الإسرائيلية موافقتها الرسمية على مقترح ترامب لوقف إطلاق النار، مؤكدة أنها “حققت أهدافها” في مواجهة ما وصفته بـ”التهديد النووي والصاروخي الإيراني”. من جانبها، أشارت وسائل إعلام إيرانية رسمية إلى أن “الجولة الأخيرة من الصواريخ” قد أُطلقت باتجاه إسرائيل قبل بدء سريان وقف إطلاق النار من الجانب الإيراني في الساعة الرابعة صباحاً بتوقيت غرينتش.


دور ترامب في الوساطة:


أكد دونالد ترامب أن اتفاق وقف إطلاق النار قد “دخل حيز التنفيذ”، وحث الطرفين على الالتزام به. وكشف أن كلاً من إسرائيل وإيران توجها إليه بشكل متقارب بطلب لتحقيق السلام، مشدداً على أن العالم والشرق الأوسط هما الرابحان الحقيقيان من هذا الاتفاق الذي يبشر بـ”مستقبل مليء بالمحبة، السلام، والازدهار” لكلا البلدين. وأفاد مسؤول كبير في البيت الأبيض أن ترامب توسط في الاتفاق عبر مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتوازي مع اتصالات مباشرة وغير مباشرة لفريقه (بمن فيهم نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف) مع مسؤولين إيرانيين.


آخر الهجمات والخسائر:


رغم إعلان وقف إطلاق النار، رصد الجيش الإسرائيلي فجر الثلاثاء (24 يونيو) إطلاق ست موجات من الصواريخ الإيرانية نحو إسرائيل، جاءت الموجة السادسة منها بعد دخول الموعد المعلن من ترامب لوقف إطلاق النار من جانب طهران. هذه الهجمات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بارتفاع عدد القتلى في بئر السبع إلى 4 أشخاص بعد ضربة صاروخية إيرانية، وتأكيد مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 8 آخرين في هجوم صاروخي بجنوب إسرائيل.
في المقابل، أفاد مسؤولون إيرانيون بمقتل تسعة أشخاص وإصابة 33 آخرين في هجوم شمال إيران على مدينة أستانة أشرفية، ووصفوه بـ”الإرهابي”، مع تقارير إعلامية إيرانية تشير إلى وقوف إسرائيل وراء الهجوم، والذي أدى أيضاً إلى مقتل العالم النووي البارز محمد رضا صديقي.


التداعيات الاقتصادية والإقليمية:


انخفضت أسعار النفط العالمية بنسبة 5% بعد موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار، لتصل إلى مستويات أقل مما كانت عليه في 12 يونيو عندما شنت إسرائيل هجومها الأول على إيران. كما استجابت أسواق الأسهم في آسيا بإيجابية لهذه التطورات.
إقليمياً، وجهت قطر رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجلس الأمن تدين فيها “انتهاكاً سافراً لسيادة الدولة وسلامتها الإقليمية” بعد تعرض قاعدة العديد الجوية لهجوم صاروخي من الحرس الثوري الإيراني، محذرة من تصعيد يهدد الأمن والسلم الدوليين. كما دعت المعارضة في إسرائيل إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة بالتزامن مع هذه الأحداث.


التحديات المستقبلية:


مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، يبقى التحدي الأكبر هو تثبيت هذا السلام الهش وضمان تفكيك البرنامج النووي الإيراني، وهو ما وصفه جيك كوان، مراسل بي بي سي في أمريكا الشمالية، بـ”الجزء الصعب” بعد وقف إطلاق النار. فبينما يرى البيت الأبيض أن البرنامج النووي الإيراني قد دُمر بالكامل، لا يوجد تأكيد لذلك إلا بسماح إيران بوجود مراقبين على الأرض. كما أن التساؤلات تبقى حول نقل إيران لمواد ومعدات نووية من المواقع المعروفة، ووجود مواقع سرية لم تُدمرها الضربات، مما يستدعي اتفاقاً دبلوماسياً قابلاً للتحقق ولا رجعة فيه، وهو ما استغرق سنوات في المفاوضات السابقة التي ألغاها ترامب نفسه عام 2018.