مدغشقر: ثورة “الجيل Z” الرقمية تطيح بالنظام وتضع الجيش في صدارة المشهد السياسي


في تحول دراماتيكي وغير مسبوق، وجدت مدغشقر نفسها على وقع ثورة رقمية قادها شباب “الجيل Z”، انتهت بإسقاط السلطة المدنية وصعود المؤسسة العسكرية إلى سدة الحكم، في مشهد يختزل الصراع بين الطموح الديمقراطي والواقع السياسي الهش.

انطلقت شرارة الاحتجاجات من منصات التواصل الاجتماعي، حيث دعا شباب مدغشقريون إلى إصلاحات اجتماعية وسياسية عاجلة، احتجاجًا على الفساد وتدهور الأوضاع المعيشية. وسرعان ما تحولت هذه الدعوات الرقمية إلى حراك شعبي واسع اجتاح العاصمة أنتاناناريفو وعدداً من المدن، لتصبح الهواتف الذكية أداة للتعبئة وكسر حاجز الخوف الذي ساد لسنوات.

أمام الزخم الجماهيري المتصاعد، عجزت الحكومة عن احتواء الأزمة، ما أدى إلى شلل مؤسسات الدولة وفرار الرئيس وكبار المسؤولين، تاركين خلفهم فراغاً سياسياً هائلاً. ورغم نجاح الشباب في إسقاط النظام، إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام تحدٍ أعقد: غياب قيادة سياسية منظمة تدير المرحلة الانتقالية.

فيما كان المحتجون يحتفلون بانتصارهم الرقمي، تحركت المؤسسة العسكرية بسرعة لملء الفراغ، معلنة عبر بيان رسمي توليها زمام السلطة لحماية الاستقرار. وبينما كانت الشوارع تمتلئ بالهتافات والهواتف المرفوعة، انتشرت المدرعات في العاصمة لتفرض واقعاً جديداً، عنوانه “الجيش كمنقذ مؤقت” تحول تدريجياً إلى “وصي دائم” على الإرادة الشعبية.

اليوم، تقف مدغشقر أمام مفترق طرق خطير: جيل آمن بقوة التكنولوجيا لإحداث التغيير، وجد نفسه يسلم السلطة عن غير قصد للمؤسسة العسكرية. ويكشف هذا التحول أن الثورات الرقمية بلا رؤية مؤسساتية قد تُسقط الأنظمة، لكنها لا تبني البدائل.

ففي غياب مؤسسات قوية وأحزاب ناضجة، تتحول الآمال الديمقراطية إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، ويصبح الفراغ السياسي أكبر تهديد لأي مشروع إصلاحي، فيما تظل الهواتف التي أشعلت الثورة شاهدة على عودة العسكر إلى المشهد.

المصدر:فاس نيوز