عبقرية الموحدين تعود للحياة في تازة: القصة الكاملة للنفق الدفاعي السري الذي يربط قصبتها بالعالم

في قلب مدينة تازة، إحدى المدن التاريخية بجهة فاس-مكناس، يكمن شاهد على براعة العمارة العسكرية للدولة الموحدية: نفق دفاعي يربط بين القصبة العليا (تازة العليا) وباب الريح. هذا النفق، الذي يُعتقد أنه أُنشئ في القرن السادس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي)، يعكس مدى التخطين العسكري للمغاربة في عهد الموحدين، ويُعد رمزاً لاستراتيجيتهم الدفاعية خلال فترة الحروب والحصار. أُعيد اكتشاف هذا النفق في منتصف القرن العشرين، ليعود إلى الواجهة كأحد كنوز تازة الأثرية، مما يسلط الضوء على أهمية المدينة في التاريخ المغربي.

تفاصيل النفق ودوره التاريخي

صُمم النفق الدفاعي لتأمين ممر سري للجنود والذخيرة بين القصبة العليا وباب الريح، أحد أبواب المدينة الرئيسية، لضمان استمرارية الإمدادات أثناء الحصار. يُشير المؤرخون إلى أن هذا النفق لعب دوراً استراتيجياً مهماً في عهد عبد المؤمن بن علي الكومي، مؤسس الدولة الموحدية (1130-1163 م)، الذي جعل من تازة قاعدة عسكرية وسياسية رئيسية خلال زحفه لتوحيد المغرب وهزيمة المرابطين. موقع تازة الجبلي المميز جعلها نقطة دفاعية حصينة، حيث كان النفق وسيلة لمفاجأة الأعداء، خاصة خلال معارك فتح فاس عام 1147 م.

إعادة الاكتشاف والوثائق التاريخية

ظل النفق مجهولاً حتى منتصف القرن العشرين، حين عُثر عليه مصادفة أثناء أعمال ترميمية في المدينة القديمة. وثائق أرشيف الحماية الفرنسية لعام 1933 وصفته بأنه “ممر عسكري سري”، مما يؤكد استخدامه في فترات الاضطراب. هذه الإشارات النادرة، إلى جانب الروايات الشفوية المحلية، تُبرز أهميته كجزء من تحصينات تازة خلال العصر الموحدي، الذي شهد ازدهاراً في الهندسة العسكرية والمدنية.

الحالة الحالية والتحديات

لا يزال جزء من النفق موجوداً تحت المدينة القديمة، لكن أجزاء أخرى تضررت بسبب عوامل الزمن والتوسع الحضري. لم يُفتح الموقع للزوار لأسباب أمنية، ويعاني من نقص التوثيق الأثري الشامل، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً للحفاظ على هذا الإرث. جهود الترميم المستقبلية، كما تُشير التقارير، قد تُساهم في إحياء هذا المعلم التاريخي ضمن استراتيجية المغرب لتطوير السياحة الثقافية.

الأهمية الثقافية والسياحية

يُعد النفق مثالاً فريداً على المهندسة العسكرية الإسلامية في المغرب، مقارنة بالأنفاق الدفاعية في فاس ومراكش. يُضاف إلى ذلك ارتباطه بتاريخ الموحدين، الذين تركوا إرثاً معمارياً وعسكرياً هاماً، مثل مسجد القرويين وتحصينات جبل العرائش. توثيق النفق وترميمه قد يُعزز مكانة تازة كوجهة سياحية وثقافية، خاصة مع الاهتمام المتزايد بالمواقع التاريخية في المغرب.

جدول: ملخص النفق الدفاعي في تازة

الفترةالحدثالمصدرالحالة الحالية
القرن 12 مإنشاء النفق من قبل الموحدينروايات تاريخية محليةجزء موجود، غير مستكشف
1933وصف النفق في أرشيف الحمايةأرشيف الحماية الفرنسيةممر عسكري سري
منتصف القرن 20إعادة الاكتشاف أثناء الترميمتقارير ترميمية محليةأجزاء متضررة، غير مفتوح
2025اهتمام متجدد بالحفاظ عليهمقالات إخبارية حديثةيحتاج دراسة أثرية

التوصيات

للمحافظة على هذا المعلم، يُوصى بإجراء مسوحات جيوفيزيائية وحفريات أثرية لتحديد أبعاده وحالته بدقة. كما يُنصح بتضمين النفق ضمن مشاريع الترميم الوطنية التي تدعمها وزارة الثقافة، مع فتح المجال للزوار بإشراف علمي لضمان الحفاظ عليه وتعزيز القيمة السياحية لتازة.

الختام

يُمثل نفق تازة الدفاعي شاهداً حياً على عبقرية الموحدين وتاريخ المدينة الاستراتيجي. مع الاهتمام المتزايد بالإرث الثقافي، يُمكن أن يصبح هذا النفق رمزاً للتراث العسكري المغربي، مما يعزز مكانة تازة على الخارطة السياحية. لمتابعة التطورات، يُنصح بمراجعة تقارير وزارة الثقافة أو أرشيف الرباط.

عن موقع: فاس نيوز