صحف إسرائيل حزينة لمحاكمة مبارك

أبدت صحف إسرائيلية صادرة اليوم حزنها وأساها على الطريقة التي بدأت بها محاكمة الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، وتأسف بعضها للمصير الذي انتهى إليه، معتبرة إياه بطلا و”جبلا صلبا”.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت -في مقالها الافتتاحي تحت “أين الشفقة؟”- “إن عيونا غربية تنظر إلى هذا المقام وتتساءل: كيف يضعون رجلا شيخا مريضا داخل قفص، ذليلا أمام عيون الجميع؟”.

وقال كاتب المقال إيتان هابر “ظهر البلل في عينيّ على الأقل حينما ظهرت في التلفاز صورة رئيس مصر السابق”، وأضاف أن مبارك –الذي بدأت محاكمته يوم أمس في القاهرة- “بدا لعيون الملايين في مصر وأنحاء العالم أداة مكسورة، ورجلا ذليلا، وغبار إنسان”.

واعتبر أن “من رأى حسني مبارك في ذروة مجده يستطيع أن يدرك عمق الذلة” التي انتهى إليها “الرجل الذي حكم ثمانين مليونا من البشر، وحكم على آخرين بطرفة عين، والذي كانت في يديه القدرة على الخروج لحرب أو صنع سلام”.

 

فضل السلام
وأضاف كاتب المقال “سيكون من يقولون: ما الذي تأسون عليه هنا؟ فمبارك لم يكن حبيب صهيون، وكان مثل مئات ملايين العرب يسعده لو اختفينا عن الخريطة وعن عينيه، لكنه مبارك نفسه الذي قرر بشجاعة أن يمضي على أثر سيده أنور السادات ويختار طريق السلام”.

واعتبر المقال الافتتاحي ليديعوت أحرونوت أن مبارك “قد فهم وعلم مشكلات الشعب المصري وقدر تقديرا صحيحا أنه لا نهضة للشعب المصري من غير سلام مع دولة إسرائيل”.

وأضاف “ربما كان مبارك مستبدا قاسيا وشخصا مخيفا لشعبه في الداخل، لكن هذا الرجل كان في الشرق الأوسط المتقلب جبلا صلبا وصخرة شبه وحيدة في ماء مائج، وظل يحفظ سور السلام حتى عندما أوشكت سفينة السلام أن تتحطم”.

ويعتبر الكاتب أن “الحمقى الإسرائيليين فقط هم الذين لن يأسوا لمضيه إلى السجن، أما العالمون بالأمور فسيشكرون له أكثر من ثلاثين سنة سلاما”، ويرجعون له الفضل في “الآلاف من الذين يسيرون بيننا وفي شوارع القاهرة ولا ينامون تحت صفائح الحجارة في المقابر العسكرية”.

ووصف كاتب المقال مبارك بأنه “كان رجلا سليم العقل أراد الهدوء والسكينة لشعبه وكان مصريا فخورا، لهذا كان من المحزن جدا أن نراه أمسِ في هزيمته، ويبدو أننا نشتاق إليه بعدُ”.

 

وفي تقرير نشرته الصحيفة نفسها، يقول الكاتب سمدار بيري إن مبارك بدا “عديم الوسيلة، ومُهانا وشاحبا” داخل قفص الاتهام يوم أمس، وتساءل هل فكر مبارك “بأنه كان من الأفضل له لو فر إلى السعودية بدلا من شرم الشيخ وأعفى نفسه من إهانة حياته؟”.

وأضاف أن مبارك “صاحب الصوت الواثق سُمع ضعيفا ومحطما حين أنكر كل التهم الموجهة إليه”، وأن فرصه للخروج بريئا من هذه المحاكمة “تبدو هزيلة”، خصوصا وأنه يعرف جيدا القضاة الثلاثة الذين يقف أمامهم، فهو بنفسه من وقع على كتب تعيينهم.

 

احتقار التهم
أما صحيفة معاريف فقد جاء في مقال نشرته بعنوان “كآخر الفراعنة”، وكتبه إيال مغيد، أن مبارك “أنصت من سريره باستخفاف لجملة اتهاماته التي بسطها المدعون، بعضهم بحماسة، بعضهم بحرج وعلى عجل. وهو نفسه لم يبد قلقا أو مشوشا بل العكس، كان أحيانا ساخرا، وكان واضحا من حركة يده أنه يحتقر الهذر الذي لا ينتهي عنه”.

 

وأضاف أن “الرعاع -الذين هم أصحاب دور كلاسيكي- طالبوا بعدم الرحمة وحصلوا على رئيسهم المخلوع وهو مهان حتى التراب”، وقال إن “العقاب، كما طلب الجمهور، يجب مصادرته من السماء ومنحه لممثلي الأرض. فقد قرر الجمهور المصري ألا يقتل الرب في الأعالي مبارك، بقوى الطبيعة، كعادته، وأن يقتله الإنسان من خلال محكمة دنيا”.

واعتبر أن النظام الجديد في مصر “طالب بالإسراع في استباق السرطان الذي يأكل جسد المتهم”، وقال “في مثل هذه اللحظة لا يوجد ولو واحد من المشاهدين عن بعد لم يشعر بالرأفة تجاه المحكوم الذي بدا مثل ميت، مهما كان مدى طغيانه، فما بالك عندما يدور الحديث عن رئيس تمسك بالهدنة وبالسلام معنا”.

وأشار الكاتب إلى أن مبارك “ليس لديه ما يخسره، حياته باتت خلفه، ولا يحرص على نفسه، بل على نجليه اللذين وقفا من فوقه بلباسهما الأبيض، ولم يبدوا كمحكومين بل كممرضين رحيمين أو ككاهنين يرافقان الميت إلى مرقده الأخير وهما يحملان القرآن في أيديهما”.

وبدوره تساءل بوعز بيسموت في مقال له بعنوان “صور تصعب مشاهدتها”، نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، “من كان يصدق، إلى ما قبل نصف سنة، أن هذا ما ينتظر صاحب الحلف المخلص للغرب في الدول العربية؟”.

وتساءل أيضا “من كان يتخيل في منتصف السبعينيات أن يأتي يوم يتم التعبير فيه في إسرائيل -التي هي العدو الأسطوري لمصر- عن أسى صادق وحقيقي للمصير المأساوي لبطل حرب يوم الغفران من الجانب المصري، والذي كان مشاركا كبيرا في ما كاد يكون خراب الهيكل الثالث؟”.