قالت صحيفة نيويورك تايمز إن مثالية الثورة في مصر وتونس، حيث قوة الشارع كشفت هشاشة السلطة، أججت تغييرا مرتقبا في العالم العربي. لكن ثورة ليبيا التي لم تنته بعد، بقدر ما هي ملهمة ومرتبكة، توضح كيف أصبح هذا التغيير محفوفا بالمخاطر وهو يتكشف في هذه المرحلة من الربيع العربي.
وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن راية الثوار ارتفعت في طرابلس، فإن "قيادتهم ضعيفة وغامضة ونوايا وتأثير الإسلاميين في صفوفهم ملتبسة"، والعقيد القذافي ما زال طليقا، وفي هذا تذكير بهروب صدام حسين، والأجانب شاركوا في القتال بنوع من التدخل الذي طالما كان ساما للعالم العربي. بالإضافة إلى الكثير من الشباب الذين يحملون كثيرا من الأسلحة.
وقالت نيويورك تايمز إنه ليس هناك انتفاضات متماثلة، لكن التعقيدات الليبية يتردد صداها في ثورات البحرين وسوريا, والأهم من ذلك كله، اليمن، وهو ما يوحي بأن الفترة الانتقالية الممتدة للدول العربية لنظام جديد قد تثبت عصفها بالمنطقة كما كانت لحظة مصر مثيرة.
وخلافا لبداية السنة عندما بدا الزخم الثوري جارفا فإن الغموض اليوم أكثر وضوحا حيث تواجه عدة دول احتمال الجمود أو صراعا مستمرا أو فراغات قوة قد تجعلها صعبة المراس. وعبر المنطقة تتصادم تداعيات الثورات مع افتراضات النظام الأقدم المدعوم أميركيا: السيطرة على النفط والنفوذ السعودي وهدنة عربية إسرائيلية وحفظ النظام على حساب الحرية في بلد كان لعقود، ظاهريا على الأقل، أحد أكثر دول العالم استقرارا.
نظام جديد
وخلال الأسبوع الماضي فقط خسر العقيد القذافي عاصمته ودعت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي، والرئيس اليمني -الذي ما زال يتعافي من حروقه- وعد بالعودة، والعلاقة بين مصر وإسرائيل انحدرت إلى أزمة، لفرحة كثير من المصريين الذين رأوا في سقوط حكومة مبارك المستبدة كسبا غير متوقع.
وكما قال المعارض السوري ميشيل كيلو، سيكون هناك تحول في السلطة في مجتمعاتنا وقد بدأ نظام جديد يتشكل بالفعل في المنطقة.
وعقبت الصحيفة على ذلك بأن إسرائيل بدأت بالفعل تواجه مما خشيت منه في هذه الثورات: سياسات خارجية في العالم العربي تعكس الاستياء الشعبي العميق إزاء محنة الفلسطينيين. وقد برز السلفيون كقوة في مصر وليبيا وسوريا وفي أماكن أخرى بالإضافة إلى شبهات بأن السعودية شجعتهم ومولتهم. كما بدأت تعاد صياغة أحلاف: فقد تمزقت الشراكة التركية السورية بسبب القمع الوحشي الذي يقوم به الأسد، وهو ما أثار إدانة دولية.
وكما هو حال كل الثورات فإن سقوط الزعماء سيُنظر إليه كأسهل خطوة في صراع طويل ومترنح لبناء جديد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الثورة الليبية حتى الآن تبدو أكثر الثورات غموضا. والبعض يقارن ليبيا ما بعد القذافي بعراق ما بعد صدام. وحسب هذا الرأي فإن الليبيين لن يكونوا مسؤولين عن قراراتهم وأنهم سيجدون أنفسهم مكبلين بالتزامات ثقيلة وسيفتقرون القدرة على الانفكاك منها في الوقت الحالي.
وبالنسبة لكثيرين في المنطقة التدخل الأجنبي أفقد الثورة الليبية البريق الذي تمتعت به ثورتا مصر وتونس، وهو ما يثير شبهات، كما يحدث في العراق، بأن الغرب ببساطة يشتهي نفطها.