alt

ليبيا تشهد عملية برية للناتو

بلغت التكنولوجيات الاعلامية في العالم مستوى لا يسمح بتغطية الثورات على الهواء المباشر من المكان بعينه فحسب، بل وفي بضع جبهات في آن واحد. كما انها تسمح بالتلاعب بالرأي العام، بتقديمها ما يسمى بمعلومات موضوعية انطلاقا من مصالح بعض الجهات. وهذا هو بالذات ما يتابعه العالم كله في طرابلس، حيث  يواجه الثوار على مدى نصف السنة قوات حكومة معمر القذافي، بدعم من الآلة العسكرية لحلف الناتو. واتضح بعد مرور 4 ايام من زحف فصائل الثوار نحو العاصمة الليبية، ان معركة طرابلس، التي اعتبرتها قنوات التلفزيون العربية آخر ساعات القذافي، تواجه نوعا من الغموض. وفيما يتعلق بقنوات التلفزيون فان عشرات المشاهد المصورة، التي تعرض سقوط العاصمة الليبية بايدي الثوار، ما هي الا مشاهد ولقطات مزورة تم تصويرها واخراجها في “اجنحة ليبية ” بدولة قطر. والدليل الواضح على ذلك هو لقطات الفيديو التي تبين طرابلس المستولى عليها من قبل الثوار، وقدمتها شبكة الانترنت، حيث لا وجود لبعض التماثيل وعناصر الديكور المعماري في المباني التاريخية للعاصمة الليبية. كما يستغرب المشاهد من الضوء الساطع المزعج العيون  في شوارع المدينة، التي لم تستيقظ بعد، جراء الغارات الجوية للناتو،  وما زالت تعاني من انقطاع الكهرباء. ويحير هذا الديكور المسرحي، الذي اخرجه على عجل مخرجون من قطر وعدم مطابقته للواقع، كل من يريد ادراك ما يحدث.

وبموجب المعلومات الواردة في المدونات المنشورة في شبكة الانترنت من قبل اهالي طرابلس، فان البث الحي الذي قدمته بعض القنوات الغربية والعربية، وجرى تصويره عمدا بهدف غض النظر عن  تدخل قوات التحالف في اراضي ليبيا . ويشهد البلد في واقع الامر بدء العملية البرية، مما لا يتماشى تماما مع  قرارات الامم المتحدة. وبالرغم من ان لندن  تتحدث الآن عن النظر في احتمال نقل وحداتها العسكرية الى البلاد، فان الحقائق تشهد على ان هذا الاحتمال قد تحول الى الواقع.

وكان يجري التخطيط لعملية الناتو في طرابلس بهدف الاستيلاء على المدينة في 21 أغسطس/آب. وقامت القوات الجوية للناتو قبل اسبوعين من ذلك،  بقصف بلدة زليتن شرقي طرابلس. وصرح موسى ابراهيم، الناطق الرسمي باسم السلطات الليبية للصحفيين، ان هدف القصف فتح الطريق للثوار الى طرابلس. وتسبب القصف في مقتل 85 شخصا من اهالي القرية واحترقت من جراء ضرب الصواريخ منازل فيها  نساء وأطفال وشيوخ ابرياء، اعلنهم الناتو فيما بعد أهدافا عسكرية.

ويقول العشرات من شهود العيان وأصحاب المدونات الالكترونية، ان الاحد الماضي شهد انزالا بحريا نفذه مرتزقة من الفيلق الاجنبي الفرنسي، سبق ان شاركوا في معارك افغانستان والعراق. وبالاضافة الى ذلك تشهد  بعض المعلومات المتوفرة لدى الصحفيين، ان افرادا من قوات الصاعقة البريطانية من الفوج  22 للقوات الجوية البريطانية الخاصة (ساس)، بصفتها  احدى الوحدات الاربع للقوات الخاصة البريطانية، شاركوا في الهجوم على طرابلس. كما جرى اشراك جنود من قطر والامارات، وقتل معظمهم بموجب معلومات شهود عيان. اما الثوار الليبيون فكلفوا باداء دور الجمهور، الذي يطلق النيران صوب مكان مجهول ويلوح بأعلام ملكية ويمثل ابتهاجه امام كاميرات “الجزيرة”.وقد اطلق على هذه العملية لقب “فجر عروس البحر”، وتم اعدادها خلال 10 اسابيع. وسبقها تدمير نظام المواصلات في طرابلس كلها. وقضت التحضيرات للهجوم على طرابلس بتشغيل آلة الدعاية. وكان من المقرر الاعلان عن مقتل معمر القذافي نتيجة قصف الناتو. وحتى تم إعداد صور تبين العقيد الميت، وذلك بواسطة البرنامج الخاص بتحرير الصور. لكنها ظهرت في شبكة الانترنت قبل اوانها مما افشل خطط “المتآمرين”.

أما الثوار الذين احسوا نجاتهم من العقاب، باشروا بارتكاب جرائم بكافة انواعها، بما فيها اغتصاب النساء والنهب والسلب بدلا من تطوير نجاح القوات الاجنبية الخاصة، وذلك في شهر رمضان المبارك، الذي يفرض الحظر حتى على الأفكار الشريرة.

وكانت المعلومات عن اعتقال او مقتل أبناء معمر القذافي، محمد والساعدي وسيف الاسلام، الى جانب مقتل رئيس المخابرات الليبية بمثابة فقرة في سلسلة الحملة الدعائية التضليلية. كما تم اعداد نبأ مضلل  يفيد بمقتل  ابنة القذافي عائشة ونشر صورتها الفوتوغرافية، وذلك باستخدام صورة بناظير بهوتو، التي سقطت ضحية لعملية ارهابية في باكستان. لكن كل تلك الافتراءات باءت بالفشل. والامر كذلك بالنسبة الى تقدم الثوار في العاصمة، و يقولون لحد الآن انهم يسيطرون على 95 % منها. وقام سيف الاسلام بافشال خططها بعد ظهوره حيا في فندق “ريكسوس”، ليلتقي بالصحفيين الاجانب.

وفيما يتعلق بصحفيين يزعم انهم اختطفوا على ايدي قوات القذافي، اتضح انهم يقومون باداء مهام سرية كلفتهم بها الاستخبارات الامريكية والبريطانية والفرنسية تحت ستار الاعلاميين. وثمة معلومات تفيد انهم كانوا يهددون بقتل زملاءهم، الذين  قرروا كشف حقيقة ما يحدث في طرابلس.

وتسيطر قوات القذافي حتى الوقت على سرت وسبها وزليتن ومرسى البريقة ورأس لنوف. ويزعم الثوار بالمناسبة، انهم يسيطرون على البلدتين الاخيرتين بالرغم من انعدام اية ادلة تشهد على ذلك. وقد أكدت القناة “الليبية” فشل مفاوضات الثوار مع شيوخ قبيلة  القذاذفة، التي ينحدر منها القذافي، حول تسليم سرت دون اراقة الدم. ويقول شهود عيان ان اهالي المدينة يستعدون للمعركة الحاسمة. وثمة معلومات تفيد بدخول وحدات من الجيش الجزائري واحة غدامس، جنوب شرق ليبيا، التي لا تكن اية مشاعر تعاطف مع الثوار.

وبالرغم من فشل الحرب الخاطفة، فتح الغرب والناتو صندوق “باندورا” (صندوق المشاكل)، الذي سيزج بليبيا حتى بعد رحيل القذافي او مقتله، في ملحمة قد تنتقل الى غيرها من الدول.