أعلنت روسيا اليوم الخميس اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي في حين وصلت بعثة من الاتحاد الأوروبي إلى طرابلس لتقييم احتياجات إعادة الإعمار في ليبيا, فيما تعقد مجموعة الاتصال بشأن ليبيا في باريس اليوم مؤتمرَ أصدقاء ليبيا بهدف رسم الخطوات التالية للمجلس الوطني الانتقالي في مرحلة ما بعد إسقاط نظام معمر القذافي، وما يجب أن يقوم به التحالف الدولي لاحقا.
وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا أعلنت فيه اعترافها بسلطة المجلس الانتقالي في ليبيا كبديل عن سلطة القذافي، وأعربت روسيا عن دعمها لبرنامج المجلس الانتقالي الإصلاحي الذي يتضمن إعداد دستور للبلاد وإجراء انتخابات وتشكيل حكومة، وأكد البيان أن موسكو تتوقع من الحكومة الليبية الالتزام بكافة الاتفاقات الموقعة في السابق بين البلدين، وتأمل أن يتم تنفيذها.
اعتراف موسكو بالمجلس الانتقالي الليبي والذي أعلن في بيان أصدرته الخارجية الروسية بهدوء، جاء وبشكل عاجل قبيل انعقاد لقاء باريس، وبعد تصريحات مدفيدف التي اعتبر فيها أن اعتراف موسكو بشرعية سلطة المجلس الانتقالي كسلطة حاكمة في ليبيا يرتبط بقدرة المعارضة الليبية على توحيد البلاد على أسس ديمقراطية، معتبرا أن الوضع مازال كما كان عليه في السابق، وأن ليبيا لاتزال خاضعة لسلطتين. ليثير تساؤلات حول ما إذا كان الكرملين قد توصل خلال أيام قليلة إلى قناعة بأن حكومة المجلس الانتقالي تقوم بتوحيد ليبيا على أسس ديمقراطية.
الأمر دفع فريقا من المراقبين للتعبير عن قناعته بأن الكرملين يحاول الحفاظ على مصالح الشركات الروسية المهددة بأن تفقد مليارات الدولارات بسبب إصرار الخارجية الروسية منذ بداية الثورة اللليبية على مساندة القذافي وتجاهل المعارضة.
وعلى أعتاب انعقاد لقاء باريس لمجموعة أصدقاء ليبيا بمشاركة ما يزيد على 60 دولة، أعلن ميخائيل مارجيليوف مبعوث الرئيس الروسي الخاص للشؤون الإفريقية أن المجلس الانتقالي يدرس كافة التعاقدات والالتزامات التي وقعها نظام القذافي، وفق معايير تقنية-اقتصادية وليست سياسية.
وألمح مارجيلوف أنه تلقى وعوداً من المجلس الانتقالي بأن عقود الشركات الروسية في قطاع النفط ومجال التعاون العسكري واتفاق تشييد خطوط السكك الحديدية لن تمس وسيتم الالتزام بتنفيذها.
فيما يسود اعتقاد في أوساط المراقبين أن روسيا فقدت ليبيا بسبب السياسة التي اتبعتها موسكو في التعامل مع الأزمة الليبية، وأنه لم يعد ممكنا إقامة علاقات تعاون مثمرة مع الحكومة الليبية الجديدة بما يحقق عائدات للاقتصاد الروسي.
ويستبعد (فلاديمير آساييف) الباحث في معهد الاستشراق أن تحرص القيادة الليبية الجديدة على مواصلة علاقات التعاون مع موسكو، بسبب مواقف روسيا وامتناعها عن مساندة المعارضة. ويرى (ارام شيجونس) رئيس اتحاد رجال الأعمال الروسي- الليبي أن روسيا فقدت ليبيا بشكل نهائي.
وتقدر الأوساط السياسية الروسية أن حجم المصالح الاقتصادية الروسية في ليبيا يصل إلى 10 مليارات دولار، تتضمن نحو 3.5 مليار دولار التي أنفقتها مؤسسة "غاز بروم" وشركة" تاتنفط" للتنقيب واستخراج النفط والغاز في 6 حقول للغاز والنفط، كانت الشركات المذكورة قد حصلت على حقوق الاستكشاف والاستثمار فيها، وتوقف العمل فيها بسبب الصدامات العسكرية التي جرت على مدار الشهور الماضية بين قوات المعارضة وقوات القذافي.
وبالإضافة لقطاع الطاقة يصل حجم التعاون العسكري الروسي-الليبي إلى 4 مليارات دولار، منها عقود توريد صواريخ بحرية مضادة للسفن، تقدر قيمتها بـ800 مليون دولار، وعقد توريد طائرات تدريب عسكرية بقيمة 1.3 مليار، إضافة إلى عقود توريد منظومات صاروخية دفاعية وراجمات صواريخ ومقاتلات من نوع "ميغ" و"سوخوي" ومروحيات عسكرية ودبابات من نوع "ت-90 س" وغواصة حديثة. كما يعتبر اتفاق مد خط السكك الحديدية سرت –بنغازي، الذي يبلغ طوله 550 كم من العقود الهامة لروسيا، وتقدر قيمته بنحو 2.5 مليار دولار. ويضاف إلى هذه التعاقدات والاتفاقات، عقود التعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية،والتعاقد على إنشاء محطة كهروذرية لاستخدامها في مجالي توليد الكهرباء وتحلية المياه.