قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن اندلاع حرب أهلية في سوريا أمر ممكن، فيما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن الجامعة تدرس تعديلات قدمتها سوريا حول بعثة المراقبين الذين سيتوجهون إلى دمشق.
وقالت كلينتون لشبكة أن بي سي أمس الجمعة إن الوضع في سوريا قد يتطور إلى حرب أهلية إذا وجدت معارضة لديها تصميم كبير ومسلحة بشكل جيد وبتمويل كبير، وأوضحت أن هذا العمل المسلح سيؤثر فيه المنشقون عن الجيش إن لم يكن موجها من قبلهم، حسب تعبيرها.
وفي مقابلة أخرى منفصلة مع قناة أي بي سي، توقعت كلينتون ألا يتمكن الرئيس السوري بشار الأسد من الصمود في وجه ما وصفتها بالمعارضة المسلحة المتصاعدة، معتبرة أن الوقت قد فاته لكي يبدل سياسته.
وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة شجعت كلا من الجامعة العربية وتركيا على لعب دور أكبر في الشأن السوري.
تكثيف الضغوط
وفي تطور لافت يلتقي وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في لندن بعد غد الاثنين ممثلين عن المعارضة السورية في الخارج، وذلك في أول لقاء علني بين لندن ومسؤولي المعارضة ضد الرئيس الأسد بعد أشهر من الاتصالات خلف الأضواء.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية لوكالة فرانس إن هيغ سيجري الاثنين مباحثات مع ممثلين عن كل من "المجلس الوطني السوري" و"لجنة التنسيق من أجل التغيير الديموقراطي في سوريا".
وأضاف المتحدث أن لندن تجري منذ أشهر وبشكل منتظم اتصالات مع مختلف الشخصيات السورية المعارضة، مشيرا إلى أنها قررت الآن تكثيف هذه الاتصالات.
وبحسب مصدر حكومي بريطاني فأن ممثلي المعارضة السورية سيلتقون أيضا في لندن مسؤولين كبارا في مكتب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
وفي إطار تكثيف الاتصالات بالمعارضة السورية، قرر هيغ تعيين السفيرة البريطانية السابقة في بيروت فرانسيس غاي مسؤولة عن الاتصالات مع المعارضة السورية في الخارج.
وفي السياق، كثفت فرنسا اتصالاتها الدبلوماسية بشأن الوضع في سوريا، واستقبلت اجتماعا بمقر وزارة الخارجية ضم دبلوماسيين من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وتركيا وعدد من الدول العربية.
وفيما قالت مجلة لو نوفيل أوبسرفاتور الفرنسية إن الاجتماع كان يهدف إلى تنسيق التحرك الدولي بشأن الملف السوري، قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إنه "لا يؤكد شيئا" بخصوص هذا الاجتماع.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول فرنسي طلب عدم كشف اسمه أن هذه الاتصالات لا تعني الإعداد الفوري لإنشاء "مجموعة اتصال" حول سوريا على غرار ما تم إنشاؤه في ليبيا.
مواقف دولية
من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه -خلال لقاء صحفي برفقة نظيرة التركي أحمد داود أوغلو بأنقرة- إن الأوان قد فات لبقاء النظام السوري في الحكم بعدما فشل في تحقيق الإصلاحات التي تطالب بها الأسرة الدولية.
فيما قال أوغلو إنه من الصعب التحدث عن الحرب أهلية في سوريا، التي تفترض وجود جانبين يتحاربان. بينما في الوضع الحالي غالبية السكان يتعرضون لهجمات من قوات الأمن. لكنه لم يستبعد تحول الأوضاع إلى حرب أهلية.
وأشار إلى أن بلاده ستساعد المجلس الوطني السوري الذي يضم غالبية تيارات المعارضة على تعزيز موقعه في سوريا وفي العالم، موضحا أن تركيا تعترف بالمجلس السوري "كحزب سياسي" ومحاور في الأزمة السورية.
من جانب آخر، استبعد مصدر أوروبي أن يتحرك الاتحاد الأوروبي منفردا تجاه الأزمة السورية في أعقاب عدم إقناع الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في التكتل كاثرين آشتون روسيا بتغيير موقفها وتبني الموقف الدولي.
ونقلت وكالة "آكي" الإيطالية للأنباء أمس عن المصدر -الذي لم تحدد هويته- قوله إنه "بالنسبة لأوروبا، يجب أن يتحرك المجتمع الدولي بكافة أطرافه معا من أجل وقف العنف في سوريا، وتأمين انتقال هذا البلد نحو الديمقراطية".
وبالتزامن مع ذلك، أعلن الأمين العام للجامعة العربية أنه تلقى رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم تضمنت "تعديلات على مشروع البروتوكول بشأن المركز القانوني ومهام بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا". وقال إن "هذه التعديلات هي محل دراسة الآن".
وقالت عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري بسمة قضماني للجزيرة إن التعديلات التي قدمتها سوريا تضم مطالب بدراسة ملف كل مراقب ضمن الوفد، وطلبا باستثناء المستشفيات والسجون من المواقع التي سيزورها الوفد.
التصرف بحذر
وفي المقابل، دعا رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين المجتمع الدولي إلى التصرف بحذر، وكرر -خلال مؤتمر صحفي رفقة نظيرة الفرنسي فرانسوا فيون بموسكو- تحذير بلاده من أي تدخل عسكري في سوريا.
وذكرت الصين أن أي خطوات يقوم بها مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية لابد من أن تساعد في تخفيف حدة التوترات في سوريا.
وقال الناطق باسم الخارجية الصينية ليو ويمين -في تصريح نقله التلفزيون الصيني المركزي- إن قيام مجلس الأمن الدولي بإجراءات إضافية بحق سوريا يتوقف على ما إذا كانت هذه الإجراءات ستساعد في تخفيف التوترات في سوريا.
ومن جانبه، اعتبر مسؤول إيراني أن قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا هو "خطأ تاريخي"، وسيؤدي إلى حرب أهلية في هذا البلد.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن رئيس اللجنة البرلمانية الإيرانية للشؤون الخارجية علاء الدين بوروجردي أن "النهج الذي سلكته الجامعة العربية يهدف إلى إلحاق هزيمة بسوريا من الداخل والتسبب في حرب أهلية"، واعتبر أن الحل الأفضل لوضع حد للاضطرابات التي تشهدها سوريا يكمن في مواصلة الرئيس الأسد لإصلاحاته.
المصدر:الجزيرة