كتب مايكل سيلفرمان الضابط المتقاعد في الجيش الأميركي، مقالا في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية يرى فيه أن على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن ينظر ويحلل مليا ما حدث في ليبيا، قبل أن يتعهد بتدخل أميركي في سوريا.
ويرى سيلفرمان أن التدخل الأميركي في ليبيا الذي اتسم بالأمان على المستوى السياسي بالنسبة لأوباما، وعسكريا كان حذرا وبالتالي كان مردوده على أميركا محدودا، يجب ألا يتكرر في سوريا.
يُذكر أن سيلفرمان عمل في العراق وأصدر كتابا عن تحالف الجيش الأميركي وفصائل الصحوة في العراق الذي أدى إلى انكفاء القاعدة في محافظة الأنبار العراقية، ويعمل اليوم مستشارا للجيش الأميركي وخبيرا معترفا به بشؤون مكافحة التمرد المسلح.
ويرى الكاتب أنه في الوقت الذي توضّح الخطوات التي اتخذتها الجامعة العربية مدى جديتها في إنهاء العنف في سوريا، إلا أنها في الوقت ذاته ترسل رسالة واضحة بأن الخطوة التالية للجامعة هي طلب التدخل العسكري.
ويتطرق إلى الوضع الليبي ليلخص نقاط اختلافه عن الوضع السوري، ويقول رغم أن السيطرة الحكومية الهشة في ليبيا بعد مقتل العقيد الراحل معمر القذافي قد غذّت تجارة السلاح التي تصب في مصلحة تنظيم القاعدة، إلا أن الخطر الأكبر المتمثل في أسلحة الدمار الشامل غير موجود في ليبيا، حيث تؤكد الأحداث أن الجزء الأعظم من مخزون ليبيا من تلك الأسلحة قد دمر قبل سقوط العقيد.
ولكن الوضع مختلف في سوريا، فهذا البلد هو واحد من ست دول رفضت التوقيع على معاهدة الأسلحة الكيماوية، وطبقا لتقرير في صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في أغسطس/ آب الماضي فإن سوريا تملك مخزونا من الأسلحة الكيماوية وتمتلك الوسائل المناسبة لاستخدامه.
إن تسرب الأسلحة الكيماوية إلى السوق السوداء قد يشكل كابوسا لأميركا، كما أن "الجيش السوري وأسلحته" منتشر في جميع أنحاء سوريا، وبالتالي فإن سقوط النظام وفقدان سيطرته على ترسانته من الأسلحة قد تكون له عواقب كارثية على المنطقة برمتها.
ويجمل الكاتب نقاط اختلاف الوضع السوري عن الليبي من حيث تأثيره بالمنطقة المحيطة به بنقطتين، الأولى: احتمال أن يتسبب سقوط أو ضعف النظام السوري بإيقاظ الخلايا النائمة للقاعدة، واستئناف نشاطها في استخدام الأراضي السورية لتصدير المقاتلين والعنف إلى العراق، وبالتالي احتمال إعادة الصراع المذهبي هناك وانتقاله إلى سوريا في وقت تكون القوات الأميركية قد غادرت العراق.
والثانية: كيف سيرد النظام الإيراني على سقوط أكبر حليف عربي له؟ وهل سيدع ذلك يحدث بدون قتال؟ ويعترف الكاتب أنه من الصعب بمكان الإجابة عن هذين السؤالين، ويستطرد بالقول: لكن من الواضح أن إيران أصبحت لا تأبه بالولايات المتحدة، ولا تعيرها اهتماما وهي ترى عقيدة أوباما في ليبيا "القيادة من الصفوف الخلفية". وبالتالي والحال هذه، لن يكون هناك ما يردع إيران من القيام بالتحرك ولو من وراء الستار لنصرة حليفها الرئيس السوري بشار الأسد.
ويرى الكاتب أن انهيار الوضع في سوريا ستكون له تداعيات وخيمة على المنطقة، ويعود للتأكيد على ضرورة قيام أوباما بدراسة عميقة للوضع قبل أن يتخذ قرارا بجولة أخرى من "القيادة من الصفوف الخلفية".
ويعلق الكاتب على قرار عودة السفير الأميركي إلى دمشق ويقول إنه ليس كافيا، وعلى الولايات المتحدة أن تستعين بالدبلوماسيين الذين أشرفوا وهندسوا الوضع الانتقالي في العراق وأن تستفيد من خبراتهم، وأن يكونوا على الأرض في سوريا ولديهم قنوات اتصال منظمة بالمعارضة السورية حال سقوط الأسد.
ويبرز الكاتب تباهي الإدارة الأميركية المستمر بنهاية المهمة في ليبيا بدون سقوط ضحية أميركية واحدة، ويقول إن الخوف من سقوط ضحايا لا يجب أن يكون عائقا للنزول إلى الأرض وتقديم الدعم إلى جيش سوريا الحر.
ويعكس الكاتب معنى مقاربا للمقولة العربية "الأجر على قدر المشقة" ويقول على أميركا أن تتدخل بزخم أكبر في سوريا لتحصل على يد أعلى في ذلك البلد بعد سقوط الأسد.
ويعود الكاتب إلى خطاب أوباما إلى العالم الإسلامي من القاهرة عام 2009 ويقول إن أوباما وعد "ببداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين في العالم. بداية تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل" وعلاقة تعترف بـ"المبادئ المشتركة للعدل والتقدم والتسامح وكرامة كافة بني البشر".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: في ليبيا، فشلت أميركا في تجسيد التزامها بتلك المبادئ، ويجب ألا تضيع الفرصة المتاحة في سوريا.