العام الجديد حمل معه إلى كوكبنا بؤرة توتر جديدة، تنذر بنشوب حرب واسعة النطاق. ويرى بعض المحللين أن الحرب قد تنشب في 30 من الشهر الجاري. ففي هذا اليوم تعتزم المفوضية الأوروبية إعلان الحظر على استيراد النفط الإيراني. أما الولايات المتحدة قد تقوم بتوجيه ضربة وقائية ضد طهران لمنعها من إغلاق مضيق هرمز. ويعتقد مدير "مركز دراسات إيران المعاصرة" رجب سافاروف، أن الغرب يبرر الحظر بدواع نبيلة . فهذا، حسب رأيه، المحاولة الأخيرة لارغام طهران على التخلي عن برنامجها النووي. ولكن هذا الموقف يظهر بوضوح سياسة الكيل بمكيالين، التي يتبعها الغرب.
ويضيف سافاروف أن واشنطن تزدري نظام حظر نشر الأسلحة النووية، فإسرائيل ليست عضوا في الوكالة الدولية للطاقة النووية، ولم تطأ أرضها أقدام المراقبين الدوليين، رغم امتلاكها السلاح النووي. إن واشنطن مهتمة ببرنامج إيران النووي فقط كمشروع تجاري مربح، إذ أن طهران تخطط لبناء محطة طاقة نووية بقيمة 65 مليار دولار. فهل يعقل أن يترك اليانكي، هذه الوجبة الدسمة لروسيا، أو لغيرها؟ كلا، إنهم يريدون تشييدها بأنفسهم، ولأجل ذلك يجب تغيير النظام المستقل في إيران، وتنصيب عملاء أمريكا في طهران. ولهذا السبب تحاول واشنطن بشتى السبل منع طهران من تطوير طاقتها النووية ، فضلا عن أن الأمريكيين لا يودون ترك المنطقة دون رقيب، فلو انسحبوا منها بشكل نهائي، فسيقع العراق الغني بمصادر الطاقة تحت النفوذ الإيراني.
وفي هذا السياق يعتقد الكثيرون أن الحرب بين الغرب وإيران ستكون مفيدة لروسيا اقتصاديا، نظرا لاحتمال ارتفاع سعر النفط إلى 200-300 دولار للبرميل الواحد، ولكن لفترة قصيرة جدا. ويضيف المحلل أن من السذاجة بمكان محاولة التكسب من وراء ذلك، فهذه الحرب قد تنجم عنها تغيرات هائلة على الصعيد الجيوسياسي، وآثار مدمرة للكثير من البلدان، وبالدرجة الأولى لروسيا. واذا تمكن الأمريكيون من تغيير النظام في طهران، وتنصيب عملائهم هناك ، فإن بلدان آسيا الوسطى ( كازاخستان، اوزبكستان، قيرغيزيا، وتركمانستان، وطاجيكستان) ، وجنوب القوقاز ، ستتجه نحو واشنطن، وسيظهر الأسطول الحربي الأمريكي في بحر قزوين. كما ان جورجيا ستنضم إلى حلف الناتو، وعلى إثرها أذربيجان، وأرمينيا التي ستعيد إلى باكو اقليم ناغورني قره باخ. وهذا يعني أن رابطة الدول المستقلة لن يبقى منها شيء.
وستنتهي إلى العدم أيضا منظمة معاهدة الأمن الجماعي، علما بأن روسيا صرفت مليارات الدولارات لبناء منظومة الأمن المشتركة. وسيقيم الأمريكيون على الأراضي الإيرانية قواعد عسكرية، ومراكز لإعداد الجماعات الإرهابية المتطرفة، وإرسالها إلى روسيا. وسيعززون أيضا تعاونهم مع المعارضة الداخلية، والمجموعات القومية الإنفصالية داخل روسيا. كما أن ثروات آسيا الوسطى وحوض قزوين ستسلك طريقها إلى الأسواق العالمية دون المرور في الأراضي الروسية. وسيقل الطلب على النفط والغاز الروسيين بنسبة كبيرة، وستنخفض أسعارهما أيضا، لأن الولايات المتحدة ستتحكم بأسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية.
وفي حال انتصار الولايات المتحدة في الحرب المحتملة مع إيران فسوف تمتلك أداة مهمة للتأثير على منافستها الرئيسة، أي الصين التي تستورد موارد الطاقة من إيران، وتستثمر مليارات الدولارات في اقتصادها. وغني عن القول ما سيحدث لدول أمريكا اللاتينية الصديقة لأحمدي نجاد.
وختم الكاتب قائلا إن العلاقات بين طهران وواشنطن وصلت إلى أقصى درجات التوتر. ولو كان الأمريكيون يستطيعون شن حرب خاطفة بتكاليف ضئيلة من الدماء لفعلوا ذلك منذ زمن طويل، دون أن يلتفتوا إلى المجتمع الدولي. أما ما يجعلهم يحجمون عن ذلك فهو خطر نشوب حرب طويلة الأمد غير معروفة النتائج، فإيران ليست ليبيا، ولا العراق. ولذلك كله، يظل هناك أمل في عدم اندلاع هذه الحرب. والآن يبدو مهما للغاية، الموقف المبدئي لكل من روسيا والصين، وما تبذلانه من جهود ديبلوماسية لإنهاء النزاع.