محمد الحنفي
إلى:
§ـ كل مومن آمن بدين معين، فحرص على سلامته من التحريف، عن طريق الأدلجة.
§ـ كل من آمن بالدين الإسلامي، كدين إنساني، يجب الحرص على حمايته من الأدلجة المحرفة له.
§ـ إلى كل من تعامل مع التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، على أنها خارجة عن الدين الإسلامي، ومحرفة له، لحاجة في نفس يعقوب.
§ـ إلى كل من اعتبر: أن الإيمان بدين معين، شأن فردي.
§ـ إلى كل مومن بالدين الإسلامي، اعتبر أن الإيمان بالدين الإسلامي، شأن فردي.
§ـ من أجل سلامة الإيمان من التحريف.
§ـ من أجل سلامة الدين الإسلامي من الاستمرار في التحريف، عن طريق استمرار أدلجته.
§ـ من أجل صيرورة الأدلجة في ذمة التاريخ.
§ـ من أجل الأمل في صيرورة المسلم إنسانا، قبل أن يكون مسلما.
§ـ من أجل إقبار الإرهاب الأيديولوجي، والسياسي، والجسدي، باسم الدين الإسلامي، وإلى الأبد.
§ـ من أجل مجتمع للمسلمين، خال من أدلجة الدين الإسلامي، ومن كافة أشكال الإرهاب.
محمد الحنفي
التعبير الحقيقي، عن الإيمان، وعن الإسلام:…..4
وتعتبر الاستطاعة المادية بيت القصيد، وهي استطاعة مزدوجة: استطاعة الإنفاق على الأسرة طيلة مدة الغياب، واستطاعة الإنفاق في السفر، من الذهاب، إلى العودة. وهي استطاعة ضرورية، وأساسية، فإذا كان الراغب في أداء فريضة الحج، يتوفر، ومن ماله الخاص، على ما ينفق منه على أسرته، وعلى ما ينفق منه خلال سفره، فإن حجه قائم، أما إذا كان غير قادر على ذلك، فإن أداء فريضة الحج لا تلزمه.
وفي حالة قبوله بأداء فريضة الحج، على حساب المال العام، الذي تدفعه الدولة، فإن ذلك يعتبر هدرا للمال العام، أو مساهمة في إهداره، وقبولا بذلك الإهدار؛ لأن الدولة التي تقبل على إرسال المسلمين لأداء فريضة الحج، في الوقت الذي تجوع فيه شعبا بأكمله، وتستبد بالاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، إنما تسعى إلى خلق مجموعة من العملاء، الذين يسعون إلى إعطاء الشرعية الدينية للدولة، مع العلم، أن الشرعية التي تكتسبها الدولة عادة، هي الشرعية الديمقراطية، وما سوى ذلك، ليس إلا سعيا حثيثا، وبحثا مستمرا، من أجل اكتساب الشرعية المفقودة أصلا.
وما قلناه عن تمويل الدولة لمجموعة من عملائها، لأداء فريضة الحج، يمكن أن نقوله عن الذين تمولهم الشركات لأداء فريضة الحج؛ لأن هؤلاء ليسوا إلا عملاء لإدارة الشركة، التي تستغل العمال، وتمارس عليهم القهر، وتمتص دماءهم، وتحرمهم من التمتع بمجموعة من حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
والذين يقبلون أداء فريضة الحج، على حساب حرمان العمال، وباقي الأجراء، من حقوقهم المختلفة، نظرا لعمالتهم للإدارة، لا يمكن أن يصيروا إلا مشرعين لممارسة الإدارة في حق العمال، ومساهمين في تلك الممارسة، وفي نهب الثروات التي كان يجب أن يتمتع بها العمال.
ونفس الشيء نقوله، بالنسبة لمن يقبلون أداء فريضة الحج، على حساب الأثرياء، الذين يجمعون ثرواتهم على أساس قهر الشعوب، واستغلال الكادحين، وانطلاقا من ممارسة تهريب البضائع، والاتجار في المخدرات، وإقامة معامل سرية، وغير ذلك، مما يعتبر مصدرا للثروات الهائلة، المتجمعة لدى الأفراد، الذين يعتبرون أنفسهم من كبار الأثرياء؛ لأن هذه الثروات، ليست إلا ثروات منهوبة من الشعوب، والقبول بأداء فريضة الحج على حسابهم، لا تعني إلا القبول بعمالتهم، والقبول بإعطائهم الشرعية الدينية. وهي شرعية، لا علاقة لها لا بحقيقة الإيمان، ولا بحقيقة الإسلام.
والراغبون في أداء فريضة الحج، الذين تمولهم إما الدولة، أو إحدى إداراتها، أو الشركة، أو الأثرياء، فإن حجهم فيه نظر؛ لأنه ليس من مالهم الخاص، الذي يكتسبونه من عرق جبينهم. وما دام الأمر ليس كذلك، فإن حجهم من أموال الشعب، والعمال، ليس حجا.
وإذا كانت أموال الشعب، وأموال الشركات، وأموال الخواص، لا تمكن من أداء فريضة الحج بشكل سليم، ومقبول دينيا، انطلاقا مما جاء في القرءان: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إلي سبيلا"، فإن أداء فريضة الحج بشكل سليم، لا يتم إلا من الأموال التي يجمعها المسلم، لهذه الغاية، من كده، وتعبه، حتى يبتعد عن الشبهات التي يجب اتقاؤها، كما جاء في الحديث: "اتقوا الشبهات". هذه الشبهات التي تجعل الإنسان لا يقوى على أداء الفريضة بشكل سليم، بعيد كل البعد عن تحقيق الغاية من أدائها.
وأداء فريضة الحج من كدح، وتعب الحاج، له نكهة خاصة، تتحقق معها مجموعة من الأهداف:
الهدف الأول: أن الراغب في أداء فريضة الحج، يبقى بعيدا كل البعد، عن إذلال نفسه، ويحافظ على كرامته، ويضع حاجزا بينه، وبين الدولة، أو بينه، وبين إدارة الشركة، أو بينه، وبين الأثرياء، حتى لا يتلوث بالعمالة للدولة، أو لإدارة الشركة، أو لطبقة اجتماعية معينة.
والهدف الثاني: تحقيق الغاية من أداء فريضة الحج، بخلق تواصل مع القادمين من كل أرجاء الأرض، يتم فيه تبادل المعلومات، والخبرات، مما ينعكس إيجابا على مسار الحياة في البلد الذي ينتمي إليه الحاج.
والهدف الثالث: المحافظة على الحرية الشخصية، التي هي حق من حقوق الإنسان، لا يتحكم فيها أي شخص، وكيفما كان هذا الشخص: معنويا، أو عينيا.
فالحرية الشخصية، قيمة مادية، ومعنوية، في نفس الوقت، والأصل فيها أن تبقى مكونا أساسيا من مكونات شخصية الإنسان، والتمتع بها شرط وجود الإنسان. وخلو شخصية الإنسان من قيمة الحرية الشخصية، يسقطه في مهوى التبعية، والاستعباد، والاستغلال، ومن أجل أن يحافظ الراغب في أداء فريضة الحج، عليه أن يعمل على رفض كل العروض المقدمة من الدولة، أو من إدارة الشركة، أو من الأثرياء الخواص، الذين يسعون إلى اكتساب الشرعية الدينية، للتغطية على الجرائم، التي ترتكبها الشركات في حق العمال، وباقي الأجراء، ويرتكبها الخواص الأثرياء في حق الشعب، بسبب ما يكتسبونه من ثروات بطرق غير مشروعة، حتى يحافظوا على كرامتهم.
وبالنسبة للذين يقبلون بأداء فريضة الحج، من أموال ليست لهم؛ لأنهم يدوسون كرامتهم أمام الآخر، لكونهم:
أولا: نشأوا على ممارسة الانتهازية، بأشكالها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسة، ومعلوم أن ممارسة الانتهازية، تقود إلى القيام بأمور تتنافى تنافيا مطلقا، مع حرية الشخص، ومع كرامة الإنسان.
ثانيا: تعودوا على انتهاز الفرص، التي تكون مواتية لهم، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والتعود على انتهاز الفرص، هو مرض يصيب شخصية الإنسان، ويصعب علاجه، بصيرورته مكونا أساسيا، من مكونات شخصية الإنسان، ولا يزول إلا بزوال الشخص.
ثالثا: يحرص على أن يعفى من صرف أمواله الخاصة، التي يقتصدها، ويجمدها في العقارات، ويحرص على أن يورثها لأبنائه. وهو ما يمكن وصفه بالشح، أو البخل؛ لأن الشح، والبخل، مرضان يصيبان شخصية الإنسان، التي تصير قابلة بالذل، والمهانة.
رابعا: الحرص على النيل مما هو للآخر، وبطرق غير مشروعة، مما يضمن الزيادة في الثروة الشخصية، من أجل التمكن من التسلق الطبقي. وهذا النوع من الحرص، يجعل صاحبه يمارس كافة الحيل، غير المشروعة، حتى يتمكن من نيل ما هو للآخر. وخاصة إذا كان ما يناله، هو للشعب، أو للعمال، وباقي الأجراء، أو جمعه مالكه بطرق غير مشروعة.
وسواء تعلق الأمر بممارسة الانتهازية، أو الاتصاف بالشح، والبخل، أو الحرص على استخدام الحيل، للنيل مما عند الآخر، فإن هذه كلها سمات مرضية، تجعل حاملها يقبل بأداء فريضة الحج، من أموال ليست لهم، ليصيروا بذلك حجاجا، وليكتسب كل منهم صفة الحاج، التي يستغلها لممارسة الابتزاز.
وهؤلاء الأشخاص الذين يقبلون بأداء فريضة الحج من أموال الشعوب، التي تتصرف فيها الدول، التي يعرفون أنها دول مستبدة، وقاهرة، ومستعبدة للشعوب في بلدان المسلمين، نظرا لخدماتها اللا محدودة للرأسمالية المحلية، وللرأسمالية العالمية في نفس الوقت، وكابتة للحريات العامة، والفردية، ومرتكبة للخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. ومع ذلك، يقبلون بتمويلها لأدائهم لفريضة الحج. فهذه الدول ظالمة، وقاهرة، وكابتة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. ولذلك، فالقبول بتمويلها لفريضة الحج، هو قبول، في نفس الوقت، بممارسة نهب ثروات الشعوب. وهو ما يجعل فريضة الحج غير مقبولة. ومن استفادوا من ذلك، مجرد عملاء للدول.
وقبول أداء فريضة الحج، ممن لا قدرة لهم عليها، يعلمون أن الشركة تحرم العمال من حقوق العمل، المنصوص عليها، على الأقل، في قوانين الشغل المعمول بها، في مل بلد من بلدان المسلمين، كما هو منصوص عليها في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وكان يفترض فيهم كعمال، أو كمأجورين، أن يرفضوا ذلك. ونظرا لطبعتهم الانتهازية، ولانتهازهم للفرص، وغير ذلك، فإنهم يعتبرونها مناسبة للتخلص من قيمتها، وعدم التفكير فيه مستقبلا، ليتحولوا بذلك إلى عملاء لإدارة الشركة، وضد مصالح العمال، والأجراء.
وكذلك الشأن بالنسبة للقبول بأداء فريضة الحج، على حساب شخص، يعرفون مسبقا، أنه يكدس الثروات الهائلة، بطرق غير مشروعة، وهم بذلك يضعون أنفسهم في مكان شبهة؛ لأن الأموال غير المشروعة، وما أكثرها في مجتمعات المسلمين، لا يمكن أن تنتج حجا مشروعا، ومقبولا، بقدر ما تحول جميع من أدى فريضة الحج بواسطتها، إلى عملاء للأثرياء.
وبصفة عامة، فقبول الراغب في أداء فريضة الحج، على حساب أموال الشعب، في أي بلد من بلدان المسلمين، أو على حساب هضم حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو على حساب أموال الشعب، التي نهبها الأثرياء، يجعل الحج غير ذي جدوى، فكأنه لم يحصل، كما يجعله وسيلة لإيجاد عملاء قارين، لا شأن لهم إلا تقديم الخدمات لأرباب النعم، المتمثلين في الدولة، أو إدارة الشركة، أو ناهبي الثروات الهائلة، على جميع المستويات، وفي جميع المجالات.