يجري الحديث عن احتمال تقدم رئيس الحكومة المغربية عبد الإلاه بنكيران للديوان الملكي باستشارة بشأن تشكيل لجنة تقصي الحقائق في أحداث تازة للوقوف على الأسباب وكذلك تفادي تكرارها في مدن أخرى مهددة بانفجار اجتماعي. ويجري هذا في وقت يخالج حزب العدالة والتنمية شعور بأن اللوبي الأمني الكلاسيكي يرغب في تشويه صورة هذا الحزب وزعيمه أمام الرأي العام.
وتفيد المعلومات التي حصلت عليها ألف بوست أن بنكيران قلق للغاية من تطورات الأوضاع في مدينة تازة والعنف الذي تستعمله قوات الأمن خاصة بعدما تأكد عبر تقارير صادرة عن حزبه في تازة من إفراط قوات الأمن في استعمال العنف علاوة على الشهادات الصادمة التي صدرت عن نساء حي كوشة في أشرطة فيديو جرى نشرها في موقع يوتوب وفي الفايسبوك وتسجل إقبالا كبيرا.
ويدرك بنكيران أن حكومته أصبحت محط اتهام من طرف الحقوقيين والكثير من الأصوات السياسية بحكم رئاسة حزبه للحكومة وما يخوله له الدستور وبحكم ترأس سياسي حزبي لوزارة الداخلية الذي هو محمد العنصر زعيم الحركة الشعبية. وتبرز المعلومات أن بنكيران قد يكون استشار الديوان الملكي بشأن تشكيل اللجنة لتقف على الأسباب الحقيقية للعنف الذي تشهده تازة لتحقيق هدفين، الأول تحديد الجهة المسؤولة عن العنف والإفراط فيه، وثانيا معرفة الأسباب الحقيقية لمنع انفجار أحداث جديدة في ظل وجود مؤشرات تدل على أن المغرب يقترب من مفهوم "برميل بارود اجتماعي" قابل للإنفجار.
ويعرب قادة الحزب سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي في المدن للكثيرين من المتعاطفين والأنصار أو المثقفين عن تخوفاتهم مما يصفونه ب " اللوبي السياسي-الأمني" في الإفراط في استعمال العنف لتشويه صورة حزب العدالة والتنمية، هذا الأخير الذي بنى جزءا من حملته الانتخابية ونضاله السياسي خلال السنوات الأخيرة في محاربة هذا اللوبي والذي يتهمونه بمحاولة حظر الحزب سنة 2003 في أعقاب تفجيرات مايو في الدار البيضاء.
وتكشف أحداث تازة في حالة تأكد صحة تصريحات السكان المنشورة في الموقع الاجتماعي الرقمي يوتوب من اقتحام للبيوت والإعتداءت الجسدية وما تفوه به عامل المدينة عندما استقبل الشباب الذين طالبوه بالعمل فكان الجواب أن "العمل فقط للصحراويين"، إذ يعد خرقا فظيعا للفصل 23 من الدستور، إذ يشتم من هذا التلفظ رائحة العنصرية غير مباشرة بسبب تفضيل إقليم على آخر أو إثنية على أخرى وهو ما يعاقب عليه الدستور. كما سجلت أحداث تازة خرقا للدستور وأساسا الفصل 24 بسبب اقتحام البيوت من طرف قوات الأمن بدون أدنى ترخيص قضائي.
وقد يأتي استشارة بنكيران للديوان الملكي بتأسيس لجنة تقصي، ضمن مقتضيات الدستور المغربي الجديد في فصله 67 الذي يخول للملك تشكيل اللجنة أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين. وقد يكون بنكيران يحاول تفادي أي سوء تفاهم مع المؤسسة الملكية خاصة أنه يعتبر بعض مستشاري الملك مثل فؤاد علي الهمة من "المتربصين به".
ومن الناحية الدستورية، يرى خبراء الدستور أنه يمكن تشكيل لجنة تقصي لأن القضاء لم يفتح بعد تحقيقا في اتهامات سكان حي كوشة لقوات الأمن بارتكاب اعتداءات وإلحاق أضرار بأملاك الغير.