تحاول فرنسا الإبقاء على مشاريعها السياسية والثقافية مع العالم العربي رغم عزوف الكثير من الدول عن هذه المشاريع مثل الرفض الصامت لمشروع"الاتحاد من أجل المتوسط"، واستنجدت باريس بالمغرب لتقديم مرشح لشغل منصب الأمين العام للاتحاد، ويتعلق بفتح الله السيجلماسي الذي شغل سابقا منصب سفير الرباط في باريس بعدما لم تقدم أي دولة مرشحها.
وكان يرأس "الاتحاد من أجل المتوسط" المغربي يوسف العمراني الذي يشغل الآن المنصب الثاني في وزارة الخارجية المغربية بعد الوزير سعد الدين العثماني. وتبرز جريدة الباييس في عددها الصادر أمس الخميس أن جميع الدول العضو في هذه المنظمة الى "الاتحاد من أجل المتوسط" لا ترغب في تقديم مرشح لها وعزفت عن ذلك باستثناء المغرب الذي يرشح السيجلماسي.
وتؤكد الجريدة عدم رغبة تونس نهائيا في تقديم مرشح، علما أنها في الماضي كانت ترغب في احتضان مقر الاتحاد من أجل المتوسط، كما تتحفظ تركيا على تقديم مرشح، وكانت بدورها تراهن في الماضي على هذا المشروع. ويبدو أن فرنسا وجدت في المغرب، الدولة الحليفة التي ستنقذها من هذه الورطة الدبلوماسية بتقديم السيجلماسي كمرشح وحيد. وترغب باريس في مرشح من جنوب البحر الأبيض المتوسط لتعطي معنى لهذا المشروع التعاوني. وسيبث خبراء وموظفون من الاتحاد الأوروبي في عضوية المرشح المغربي في اجتماع يومي الاثنين والثلاثاء المقبل. كما يرغب المغرب في المنصب ضمن سعيه تسيير منظمات وهيئات دولية.
ويأتي هذا المستجد ليبرز مدى الرفض غير المعلن من طرف الدول المتوسطية لمشاريع فرنسا للتعاون بين المتوسط والاتحاد الأوروبي خاصة بعد الربيع العربي. إذ أن مشروع "الاتحاد من أجل المتوسط" يعتبر مشروعا فرنسيا خالصا بعدما كان في الماضي مشروعا أوروبيا وكان يحمل اسم "مسلسل برشلونة" وظهر سنة 1996 ولم يبقى منه سوى المقر في مدينة برشلونة الإسبانية. ويولي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اهتماما كبيرا لهذا المشروع، وإن كان بعض الفرنسيين يعتبرونه من المشاريع الفرنسية الفاشلة دوليا بسبب عدم ارتباطه بواقع التطورات الحالية.
وفي الوقت ذاته، يبرز رفض القيادات السياسية الجديدة في عدد من الدول الناتجة عن الربيع العربي لهذا المشروع. فالحكومة التونسية الجديدة تتهرب من استضافة أي نشاط لهذا الاتحاد خاصة وأن رئاسته كانت مشتركة بين الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بنعلي والرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. وبدورها، لا تولي القاهرة اهتماما لهذا المشروع.
ويرى المراقبون أن أكبر عائق يواجهه مشروع "الاتحاد من أجل المتوسط" هو النزاع الفرنسي-التركي الحالي. ففي أعقاب تصويت البرلمان الفرنسي على قرار يعاقب نكران ونفي المجازر التي ارتكبها العثمانيون في حق الأرمن، تشن أنقرة حملة دبلوماسية حقيقية ضد مصالح باريس في المتوسط. وكانت الصحافة التركية قد تحدثت في الأيام الأخيرة عن سعي أنقرة الى التقليل والتشويش على مشاريع فرنسا في العالم العربي وخاصة تلك التي تلعب فيها فرنسا دورا مثل التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول البحر الأبيض المتوسط.