ماذا لو كان أمير الشعراء على قيد الحياة في زمننا هذا

قال في زمنه :’ الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق’
 لأنه كان يدرك تمام الإدراك أن الأم تستحق كل الشكر لما تقدمه من تضحيات لأبنائها  دون مقابل،فهي رمز العطاء ونكران الذات، وهي التي لا تعد السنون من عمرها لكي ترى ابنها أوابنتها أفضل إنسان، وهي التي تحب أبناءها دون انقطاع وتعبر عن حبها لهم حقا ًبالفعل والقول، إنه يريد أن يجعل من مكانة الأم مكانة مميزة باعتبارها قاعدة المجتمع ونواته، فهي أهم عنصر فيه وصلاحها إصلاح له والعكس صحيح! وهي صانعته و صانعة أجيال الأمة وعماد الأسرة، شوقي يريد أيضا التأكيد على أهمية إعطاء العناية للأم في زمن يعرف تمام المعرفة أن مكانة المدرسة قد حظيت بتقدير واحترام بالغين عبر كل الحضارات الإنسانية بمختلف أنواعها، وبوأتها مكانة متميزة داخلها،ومنحتها أعز ما تملك من إمكانيات مادية وبشرية،وخصتها بروائع المعمار وأبهى الحلل، أهمية الأم  إذن من أهمية المدرسة في بناء الأمة وتنشئة أفراده، والاعتناء بالأم يجب أن يكون بقدر ما نعتني بالمدرسة،في عهده إذن الاعتناء بالمدرسة والاهتمام بها كان مسلما به، وتشبيهه الأم بالمدرسة يخاطب به قوما يعلم مسبقا مكانة المدرسة عندهم، باعتنائهم الذي وصل أعلى الدرجات تجاهها.
في زمننا هذا لو كان أمير الشعراء على قيد الحياة لأصبحت قولته لا محالة: ’المدرسة أم إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق’ عوض الأولى لكونه سيدرك أن المدرسة الآن تعرف إهمالا من أغلب أبنائها، لأن ما من أحد سينكر أن المدرسة أضحت اليوم تلك الأم التي تنكر لها الأبناء وتنصل أغلبهم من واجبهم نحوها، بل أصبح من علمته حرفا، يتفنن في نسج شتى أساليب القدح والذم تجاهها، ويحملها مسؤولية المشاكل التي يتخبط فيها الصغير والكبير، فهل نسي الأبناء فعلا حاجتها هي أيضا لهم وهم يعلمون أنها مجرد آلية من صنعهم  وفي خدمتهم تنمو بنمو مجتمعاتهم، وتزدهر بازدهارها أيضا وتوفر متطلباتهم وفق رغباتهم وحاجياتهم المعبر عنها من خلال مواقفهم وحسب الإمكانات والصلاحيات الممنوحة لها من طرفهم، فلماذا أصبح إذن المهندس والطبيب والمحامي والقاضي والمدرس و… لا يهتم  بأمه وأم أبنائه بعدما أصبح في غنى عنها، رغم أن أبناءه لازالوا في أمس الحاجة إليها، ولماذا أصبح يشح بدقائق من وقته يلتفت خلالها إلى مدرسته التي وفرت له رغد العيش ومهدت له طريق المستقبل، ليسألها حاجتها دعمه وعنايته، ألم تكن دائما وأبدا له نعم المرشد والمنبه، فلماذا هذا التنكر والجحود،
المدرسة تستحق فعلا منا نظير عنايتنا لأمنا وتستحق جدير الاهتمام من  الخاص والعام.
عماد بنحيون